أثار الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، موجة تفاعل واسعة بعد تصريحاته الأخيرة بشأن أزمة
سد النهضة الإثيوبي، والتي أقر فيها لأول مرة بأن الولايات المتحدة ساهمت في تمويل بناء السد، معرباً عن استغرابه من عدم معالجة تداعياته على الأمن المائي
المصري قبل تنفيذ المشروع.
وفي تصريحات أدلى بها خلال لقائه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، مساء أمس الاثنين، في البيت الأبيض، قال ترامب: "عملنا على ملف مصر مع جارها القريب، إثيوبيا، وهم أصدقاء لي، لكنهم بنوا السد، ما أدى إلى وقف تدفق المياه إلى نهر النيل".
وتابع قائلاً: "لو كنت مكان مصر، لأردت أن أضمن وجود المياه في نهر النيل. نحن نعمل على حل هذه المشكلة، وقد بنوا واحداً من أكبر السدود في العالم، قريب جداً من مصر. يبدو أن أمريكا موّلت بناءه، ولا أعلم لماذا لم تُحل هذه المسألة قبل بدء المشروع".
واعتبر ترامب أن النيل هو "شريان حياة مصر"، مضيفاً: "سلب مصر من نهرها أمر لا يُصدّق، ولكنني أعتقد أن هذا الملف سيُحل قريباً جداً".
ترامب يعيد الملف إلى دائرة الضوء
تصريحات ترامب أعادت قضية سد النهضة إلى واجهة النقاش السياسي والدبلوماسي، وسط تساؤلات حول توقيت هذه التصريحات ودوافعها، خاصة بعد أن لمح الرئيس الأمريكي في أكثر من مناسبة إلى شعوره بالتجاهل الدولي لإنجازاته الدبلوماسية، ومن بينها دوره في "الحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا".
وفي تدوينة عبر منصته "تروث سوشال"، كتب ترامب: "لن أحصل على جائزة نوبل للسلام عن وقف الحرب بين الهند وباكستان، أو بين صربيا وكوسوفو، أو عن الحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا (سد ضخم بنته إثيوبيا، بتمويل غبي من الولايات المتحدة الأمريكية، يقلل من تدفق المياه إلى نهر النيل)...".
كما أشار أيضاً إلى دوره في اتفاقيات أبراهام بالشرق الأوسط، منتقداً ما يراه تجاهلاً دولياً لجهوده:
"إذا سارت الأمور على ما يرام، ستمتلئ القائمة بأسماء دول إضافية، وسيتوحد الشرق الأوسط لأول مرة".
ترامب: "كان يجب إيقاف بناء السد قبل أن يبدأ"
وتعيد هذه التصريحات التذكير بموقف ترامب خلال فترة رئاسته، حين استضاف جولات التفاوض الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان في عامي 2019 و2020، برعاية وزارة الخزانة الأمريكية ومشاركة البنك الدولي. ورغم التوصل إلى اتفاق أولي، رفضت أديس أبابا التوقيع عليه، ما دفع ترامب في حينها إلى انتقاد إثيوبيا بشدة، بل وصرح علناً أن "مصر قد تفجر السد لأنها لا تستطيع العيش بهذه الطريقة".
وأضاف حينها: "توصلنا إلى اتفاق، لكن إثيوبيا أخلّت به. كان يجب إيقاف بناء السد منذ البداية. ما فعلوه كان خطأ كبيراً".
كان ترامب قد وجّه انتقادات في وقت سابق إلى سياسة التمويل الأمريكية، معتبراً أن دعم واشنطن لبناء سد النهضة "خطأ فادح".
وفي حزيران/يونيو الماضي، وصف التمويل الأمريكي بأنه "غبي"، مشدداً على أنه قلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى نهر النيل، ما يمسّ حياة ملايين المصريين.
اظهار أخبار متعلقة
خبير مصري: ترامب يغازل "نوبل" ويستثمر أزمة السد
وعلّق الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، على تصريحات ترامب الأخيرة، قائلاً إن الرئيس الأمريكي "يغازل نوبل" من بوابة سد النهضة، ولفت إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يتحدث فيها ترامب عن السد خلال فترة زمنية قصيرة.
وكتب شراقي عبر حسابه على "فيسبوك": "منذ أسابيع فقط، عاد ترامب إلى ذكر أزمة سد النهضة، مشيراً إلى أن تمويل السد كان قراراً غير حكيم من الولايات المتحدة".
جدل على المنصات.. وتوقيت مثير للتساؤل
وتفاعل ناشطون عبر منصة "إكس" مع تصريحات ترامب، معتبرين أنها تأتي في توقيت سياسي يكثف ترامب فيها لخطابه الذي يروج لما يعتبره "منجزاته" في السياسة الخارجية.
وطرح مراقبون تساؤلات حول مدى دقة تصريحات ترامب بشأن تمويل بلاده للسد، وما إذا كانت تهدف للضغط على إثيوبيا أو مغازلة الرأي العام المصري، في ظل استمرار المفاوضات المعقدة التي لم تُثمر حتى الآن عن اتفاق شامل يرضي جميع الأطراف.