نشرت صحيفة "
إل باييس" الإسبانية، تقريرًا، تناولت فيه ما وصفته بـ"تصاعد القمع السياسي في
تونس، تحت حكم الرئيس، قيس سعيّد، حيث أصدرت المحاكم التونسية أحكامًا بالسجن ضد معارضين سياسيين، في محاكمات جماعية لم تُشهد البلاد مثلها منذ عهد بن علي".
وأوضحت الصحيفة، في تقريرها، الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "هذه المحاكمات، التي طالت 40 معارضًا بتهمة: "التآمر على أمن الدولة"، تعكس عودة القمع السياسي إلى أسوأ فترات النظام الاستبدادي".
"حملة الملاحقات القضائية التي أطلقها الرئيس سعيّد، بعد إغلاق البرلمان، في عام 2021 انتهت بإدانة وسجن رئيس وزراء سابق. في المقابل، اكتفى الاتحاد الأوروبي بالتعبير عن "أخذ العلم" بما يحدث في تونس، رغم أن هذا البلد يُعتبر حيويًا في التحكم بتدفقات الهجرة القادمة من إفريقيا" تابع التقرير نفسه.
وأضاف: "مع صدور أحكام بالسجن بحق أكثر من مئة معارض في الأشهر الثلاثة الأخيرة، يبدو أن تونس قد عادت لأسوأ سنوات القمع السياسي في عهد زين العابدين بن علي، الذي أُطيح به في 2011 خلال أول انتفاضة شعبية في الربيع العربي".
وأردف: "في هذا السياق، وصل التضييق على المعارضة السياسية إلى ذروته بعد صدور حكم بالسجن لمدة 34 سنة ضد رئيس الوزراء السابق علي العريض في بداية الشهر الجاري، منذ أن بدأ سعيّد حكمه، بعد إغلاق البرلمان في 2021".
وبينت الصحيفة أنّ: "مجموعة من القادة السياسيين الإسلاميين والعلمانيين، إضافة إلى موظفين ورجال أعمال ومثقفين وصحفيين، تم سجنهم أو إجبارهم على المنفى بعد أن تم: إسكاتهم وملاحقتهم"، كما حذر نائب مدير قسم شمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بسام خواجة.
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب التقرير نفسه، نبّهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من "تزايد الاعتقالات التعسفية"، مشيرة إلى أنّ: "قمع المعارضة قد تصاعد بشكل حاد، منذ أن حلّ الرئيس سعيّد المجلس الأعلى للقضاء في 2022، وهو المؤسسة الوحيدة التي كانت تواجهه، ليقوم بعدها بالاستيلاء على السلطة القضائية عبر إقالة عشرات القضاة".
وأفادت الصحيفة أنّ: "منظمة العفو الدولية أعلنت بعد سلسلة الاعتقالات والمحاكمات ضد أعضاء المعارضة، أن السلطات التونسية شنّت حملة ملاحقة عبر الاستخدام المسيء للنظام القضائي لقمع حرية التعبير والمعارضة السياسية".
واستدركت: "في ختام محاكمة جرت خلف أبواب مغلقة، صدر حكم بالسجن ضد رئيس الوزراء الأسبق علي العريض، البالغ من العمر 69 عامًا، الذي شغل منصب رئيس الحكومة بين 2013 و2014، بالإضافة إلى سبعة قادة آخرين من حركة النهضة الإسلامية في ما يُعرف بقضية: الشبكات الجهادية".
"كان العريض قد اعتقل قبل ثلاث سنوات بتهمة تسهيل مغادرة مئات السلفيين المتشددين للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. ودافعت هيئة الدفاع عنه قائلة إن الأدلة ضده غير موجودة، وأكدت أنه كان من دعاة حظر جماعة "أنصار الشريعة" في عام 2013" وفقا للتقرير الذي ترجمته "عربي21".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "حركة النهضة الإسلامية، التي حصلت على أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات التشريعية لعام 2019 (40.7 بالمئة)، أصبحت الآن محظورة ويقبع قادتها في السجون. كما حكم على زعيمها التاريخي، راشد الغنوشي، البالغ من العمر 83 عامًا، في فبراير/ شباط الماضي بالسجن 22 سنة، بالإضافة إلى 10 سنوات من أحكام سابقة".
وقالت إنه: "قبل ثلاثة أسابيع، أصدرت محكمة مكافحة الإرهاب في تونس، حكمًا بإدانة 40 معارضًا بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، في محاكمة جماعية غير مسبوقة منذ عهد بن علي، حيث تراوحت الأحكام الصادرة بحقهم بين 66 سنة سجنًا، وشملت القضية معارضين من خلفيات سياسية متنوعة، لكنهم اتفقوا على رفض الاستبداد والسعي لتحقيق حل ديمقراطي بديل".
اظهار أخبار متعلقة
ولفتت الصحيفة إلى أنه: "رغم تنوع التهم الموجهة إلى مئات المعارضين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يؤكد محامو الدفاع والمنظمات الدولية غياب الأدلة القاطعة، موضحين أن السبّب الرئيسي للملاحقات كان الانتقادات السياسية".
إلى ذلك، أضافت الصحيفة أنه: "من بين المحكومين، توجد المعلقة السياسية والمحامية سونيا الدهماني، التي قضت 18 شهرًا في السجن بسبب تصريح ساخر حول ملف الهجرة استند إلى الأزمة الاقتصادية، حيث تم محاكمتها بموجب المرسوم 54 الذي يجرّم "نشر الأخبار الزائفة".
كذلك، حُكم على جايام التركي سرقسة، ذو الجنسية الإسبانية، بالسجن لمدة 48 سنة بعد تنظيمه مأدبة حضرها معارضون وسفراء أوروبيون ناقشوا خلالها مخرجًا للأزمة السياسية، ليتهم لاحقًا بـ"التآمر مع دول أجنبية".
وسلطت الصحيفة، الضوء، على مقترح المفوضية الأوروبية بإدراج تونس ضمن قائمة "البلدان الآمنة المنشأ"، ما يقلل من فرص حصول المواطنين التونسيين على حق اللجوء السياسي في الاتحاد الأوروبي.
وأبرزت: "رغم القلق الذي عبرت عنه فرنسا وألمانيا بعد صدور الأحكام القاسية ضد المعارضين في تونس، اكتفت المفوضية بالتصريح بأنها "تأخذ علمًا" بما يحدث. كما أعربت عن دعمها للاتفاقيات مع تونس التي تهدف إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية مقابل مساعدات مالية".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ: "المحاكمات السياسية لا تزال تضيق الخناق على معارضي الرئيس قيس سعيّد، الذي يُتهم بالاستبداد بعد تركيز السلطة في يديه، وتستند بعض التهم إلى شهادات شهود محميين، فيما تُصر النيابة على وجود: مخطط للتآمر ضد أمن الدولة".
اظهار أخبار متعلقة
"يواصل سعيّد هجومه على التدخلات الدولية غير المقبولة؛ بينما وصف المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذه المحاكمات بـ:الانتكاسة للعدالة" تابعت الصحيفة الاسبانية.
واختتمت بالقول: "هذه الأحكام تعدّ بمثابة دق آخر المسامير في نعش الربيع العربي، الذي انطلقت موجته من تونس في أواخر 2010 مطالبة بالديمقراطية. وفي البلد الذي كان يُنظر إليه كرمز للانتقال السياسي الناجح، يبدو اليوم أن هذا المسار قد أُجهض بالكامل".