أعلنت إدارة
المركز الثقافي الإسلامي في دبلن، عن إغلاق أبواب المسجد والمدرسة التابعين له
"حتى إشعار آخر"، بعد تصاعد أزمة داخلية قادتها جهات محسوبة على دولة
الإمارات، وسط صدمة وقلق واسع بين المسلمين في إيرلندا.
وجاء قرار
الإغلاق، الذي أعلنت عنه
إدارة المركز في بيان مقتضب وُضع على بواباته، جاء بعد
أيام من اشتباكات كلامية حادة ومشادات داخل المسجد، وأمام المصلين، فيما اعتبر
كثيرون أن ما جرى ليس مجرد "خلاف إداري" كما قيل، بل نتيجة مباشرة
لمحاولات الهيمنة الإماراتية على مؤسسات الجاليات المسلمة في أوروبا، ومحاولة
استخدامها كأدوات أمنية واستخباراتية ناعمة.
وبدأت الأزمة
عندما طالبت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية – التي تمول
المركز – بالحصول على بيانات شخصية تفصيلية لأكثر من ألف طالب وعائلاتهم في
المدرسة الإسلامية التابعة للمسجد، في خطوة قوبلت برفض قاطع من القائمين على
المدرسة، الذين اعتبروا أن الطلب انتهاك صارخ للخصوصية، وغير قانوني بحسب القوانين
الإيرلندية.
اظهار أخبار متعلقة
ومن جانبها قررت
الإدارة التصعيد؛ فمنعت دخول أعضاء
مجلس إدارة المدرسة إلى المبنى، وأوقفت بريدهم الإلكتروني، ورفضت التعاون معهم.
ووصل التوتر إلى ذروته
مساء الجمعة حين دعي محامٍ باكستاني يُدعى زاهد جميل – يعمل مع الحكومة الإماراتية
– إلى الحديث داخل المسجد، ما فجّر حالة من الغضب بين الحضور، الذين اعتبروا الحدث
محاولة "تصفية حسابات" داخل بيت من المفترض أن يكون مكانًا للعبادة
والتربية، لا ساحة نفوذ سياسي.
وفي بيان حمل
نبرة حزن وتحذير، قال الشيخ
حسين حلاوة، إمام المسجد والشخصية الأبرز في الجالية
الإسلامية الإيرلندية: "لقد حز في نفسي ما آل إليه حال مركزنا المبارك، كنا منارة للعلم
والدعوة، فإذا بنا اليوم نغلق الأبواب أمام الأطفال والرواد والقلوب الباحثة عن
السكينة".
وأضاف من خلال
البيان: "لقد سعيت - طوال أكثر من ثلاثين عامًا - في خدمة هذا المركز المبارك،
ومسلمي إيرلندا دون كلل أو ملل، وكنت دومًا أحنّ إلى منبره، وإلى أبنائي وبناتي من
طلاب العلم وحفّاظ كتاب الله، الذين نفتخر جميعًا بتخرجهم من مدرسة هذا المسجد،
وبتوليهم إمامة المساجد في العاصمة دبلن، بل وخارجها".
وطالب حلاوة الجميع
بتحري الدقة في نقل الأخبار قائلا: "ولا تنجروا خلف الشائعات، كما أني أهيب بنفسي وبكم أن
نتقي الله في وحدتنا، وأن نتجنب الفرقة والخلاف، فقد علمنا القرآن الكريم أن نقول
كلمتنا موحدة، ونقف صفًا واحدًا".
وقال الشيخ الدكتور عمر القادري، إمام مسجد غرب دبلن، إنه يعتقد أن هناك
إشكالاتٍ تتعلق بتشغيل المركز، ومع ذلك، فإنه قال إن رسالته للجالية هي أنه "لا
داعي للقلق" وأن ما يحدث هو "فترة انتقالية".
وعرفت الجالية
المسلمة في إيرلندا، باستقلاليتها وانخراطها السلمي في المجتمع، وتعيش اليوم حالة
من القلق، وشكاوى قدمت بالفعل إلى مفوض حماية البيانات، ولجنة علاقات العمل
الإيرلندية، وسط مطالبات بالكشف عن مصادر التمويل، وضمان عدم تسريب أي معلومات إلى
جهات أجنبية.
وفي عام 2023 نشرت
مجلة "نيويوركر" الأمريكية، تحقيقا تناول الجهود الإماراتية لاستهداف المؤسسات الإسلامية في أوروبا، عبر شركة "ألب سيرفيسيز"، للاستخبارات والتأثير المثيرة للجدل بأساليبها.