علوم وتكنولوجيا

انفجار كوني استمر سبع ساعات يتيح للعملاء إمكانية بحث غير مسبوقة

يُعدّ هذا الانفجار القياسي الأطول على الإطلاق- CC0
رصد علماء الفلك أطول انفجار لأشعة غاما على الإطلاق، وهو انفجار كوني استمر سبع ساعات، ورجّحوا أنه ناتج عن ثقب أسود يدمر نجمًا.

تُعتبر انفجارات أشعة غاما "GRBs" أقوى الانفجارات الكونية منذ الانفجار العظيم، ولكن عندما رُصد GRB 250702B لأول مرة في 2 تموز/ يوليو 2025 بواسطة تلسكوب "فيرمي" الفضائي لأشعة غاما التابع لناسا، برز سريعًا بين حوالي 15000 انفجار أشعة غاما تم رصدها حتى الآن، قد يكون هذا الانفجار نتيجة لثقب أسود متوسط الكتلة يبتلع نجمًا.

يُعدّ هذا الانفجار القياسي الأطول على الإطلاق، إذ لم يقترب أي انفجار آخر من مدته البالغة سبع ساعات. ليس هذا فحسب، بل أظهر "GRB 250702B" أيضًا انفجارات متكررة، مما أدى إلى امتداد مدته لأيام، بححسب ما ذكر موقع "سبيس".

 نظرًا لأن معظم انفجارات أشعة غاما لا تدوم سوى بضع دقائق، فقد أتاح انفجار "GRB 250702B" فرصةً فريدةً لعلماء الفلك لدراسة مثل هذا الحدث، ويعتقدون أيضًا أنه شكل جديد تمامًا من الانفجارات الكونية.

وقالت إليزا نايتس، عضو الفريق من جامعة جورج واشنطن ومركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في غرينبيلت، ميريلاند، في بيان: "استمرت الموجة الأولى من أشعة غاما لمدة سبع ساعات على الأقل، أي ما يقارب ضعف مدة أطول انفجار أشعة غاما رُصد سابقًا، كما رصدنا خصائص غير عادية أخرى. إنه بالتأكيد انفجار لا مثيل له شهدناه خلال الخمسين عامًا الماضية".

وبعد الرصد الأولي الذي أجراه مرصد فيرمي، توجه علماء الفلك إلى التلسكوب الكبير جدًا (VLT) الواقع على جبل سيرو بارانال في صحراء أتاكاما شمال تشيلي. وكشف هذا عن موقع انفجار أشعة غاما، وهي مجرة تبعد مليارات السنين الضوئية عن مجرتنا درب التبانة.

باستخدام ثلاثة من أقوى التلسكوبات الأرضية في العالم، وهي تلسكوب فيكتور إم. بلانكو ذو الأربعة أمتار وتلسكوبا مرصد جيميني الدولي التوأم ذو الثمانية أمتار وقطر 8.1 متر، قام فريق من الباحثين بقيادة جوناثان كارني من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، بدراسة التوهج اللاحق لانفجار أشعة غاما GRB 250702B، وتوصلوا إلى أدلة حول سبب هذا الانفجار القياسي.

وقال كارني في بيان: "إن القدرة على توجيه تلسكوبي بلانكو وجيميني بسرعة فائقة أمر بالغ الأهمية لرصد الأحداث العابرة مثل انفجارات أشعة غاما. فبدون هذه القدرة، سيظل فهمنا للأحداث البعيدة في سماء الليل الديناميكية محدودًا".

أشارت هذه الأبحاث إلى أن إشارة أشعة غاما الأولية من "GRB 250702B" انبثقت من نفاثة بلازما ضيقة تقترب سرعتها من سرعة الضوء، اصطدمت بالغاز والغبار المحيطين بها. يشير هذا إلى أن المجرة التي شهدت هذا الحدث مليئة بكمية هائلة من الغبار حول نقطة الانبعاث. كما وجد الفريق أن المجرة المضيفة لانفجار أشعة غاما "GRB 250702B" أضخم من مجرات انفجارات أشعة غاما الأخرى.

وتقترح إحدى النظريات الحالية حول نشأة انفجارات أشعة غاما أنها تحدث عندما تنهار نجوم عملاقة زرقاء ضخمة في نهاية حياتها، أو عندما يولد نجم نيوتروني متطرف يُسمى النجم المغناطيسي، أو عندما يمزق ثقب أسود نجمًا في ما يُعرف بـ"حدث التمزق المدّي" (TDE). مع ذلك، لا يبدو أن انفجار أشعة غاما "GRB 250702B" يتوافق تمامًا مع أي من هذه السيناريوهات.

لدى الباحثين حاليًا ثلاثة تفسيرات محتملة للحدث الذي أدى إلى إطلاق هذا الانفجار القياسي لأشعة غاما. التفسير الأول هو اصطدام ثقب أسود بنجمٍ جُرِّدَت طبقاته الخارجية من الهيدروجين، وأصبح يتكون في معظمه من الهيليوم.

أما التفسير الثاني فيشير إلى أن نجمًا، أو جرمًا نجميًا أصغر حجمًا كالقزم البني أو حتى كوكب، قد يكون تعرض لتأثير جاذبية هائل لثقب أسود أو نجم نيوتروني، مما أدى إلى حدث أصغر وأقل قوة من نوع التمزق المدّي، يُعرف باسم حدث التمزق المدّي الصغير.

أما التفسير الثالث المحتمل لإطلاق "GRB 250702B" فيتعلق بنوع نادر من الثقوب السوداء يُسمى "الثقب الأسود متوسط الكتلة"، الذي تتراوح كتلته بين 100 ضعف كتلة الشمس و100,000 ضعف كتلة نجمنا. وعلى الرغم من اعتقاد العلماء بأن الكون مليء بهذه الثقوب السوداء متوسطة الكتلة، إلا أنه نادرًا ما يتم رصدها. إذا كان هذا السيناريو مناسبًا لانفجار أشعة غاما "GRB 250702B"، فسيكون ذلك أول رصدٍ علميٍّ لثقبٍ أسود متوسط الكتلة يُنتج نفثًا بلازميًا بعد تمزيقه نجمًا.

وقال كارني: "يطرح هذا العمل مسألةً رائعةً في علم الآثار الكوني، حيث نعيد بناء تفاصيل حدثٍ وقع على بُعد مليارات السنين الضوئية. ويُظهر الكشف عن هذه الألغاز الكونية مدى ما زلنا نتعلمه عن أكثر الأحداث تطرفًا في الكون، ويُذكّرنا بضرورة مواصلة تخيّل ما قد يحدث هناك".