شهدت الحرب الدائرة
في أوكرانيا تحولًا لافتًا خلال الأشهر الأخيرة مع صعود وحدة روسية سرية أصبحت في قلب
المنافسة التكنولوجية على السيطرة الجوية عبر
الطائرات المسيرة.
وفي تقرير لشبكة
الـ"
سي إن إن" تحولت الوحدة، المعروفة باسم "روبيكون"، خلال فترة
قصيرة إلى أحد أهم الأذرع العسكرية الروسية في الحرب، بعدما وضعت بصمتها على خطوط المواجهة
وغيرت موازين استخدام المسيرات التي كانت تشكل ميزة للقوات الأوكرانية منذ بدايات الحرب.
وأضاف التقرير أن سرعة
صعود هذه الوحدة يعود إلى إعادة الهيكلة التي أجرتها وزارة الدفاع الروسية بقيادة الوزير
أندريه بيلوسوف، حيث حظيت بدعم مباشر، وزار بيلوسوف مقرها أواخر عام 2024 للاطلاع على
المشاريع الجديدة، وفقًا لمقاطع مصورة بثتها وسائل إعلام رسمية روسية.
وتابع أنه جرى لاحقًا
توسيع مهام "روبيكون" لتصبح جزءًا أساسياً من التوجه الروسي نحو إنشاء قيادة
عسكرية كاملة مخصّصة للأنظمة المسيرة، وهو ما أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
منتصف عام 2025.
ووفق تصريحات نائب
قائد الوحدة العقيد سيرغي إشتوغانوف، فإن القيادة الجديدة تضم مشغلين ومهندسين وفنيين
ووحدات دعم متخصصة، ما يعكس حجم الموارد الموجهة لهذا القطاع. وباتت "روبيكون"
تمتلك شعارًا خاصًا بها، إضافة إلى مجموعة مشاريع تشمل تطوير مسيّرات جديدة، وأنظمة
ذكاء اصطناعي، ومنصات روبوتية متقدمة.
وكانت إحدى أبرز التقنيات
التي تبنتها الوحدة هي استخدام مسيّرات تعتمد على كابلات الألياف الضوئية، ما سمح ببث
مباشر لا يتأثر بالتشويش الإلكتروني، وهي مشكلة تواجه معظم أنظمة المسيّرات التقليدية،
حيث ويرى خبراء، بينهم مايكل كوفمان من مؤسسة كارنيغي، أن هذه التقنيات سمحت لروسيا
بتحقيق اختراقات ميدانية مهمة، سواء عبر استهداف خطوط الإمداد الأوكرانية أو ضرب مشغّلي
المسيّرات مباشرة.
وأضاف التقرير أن تأثير
"روبيكون" ظهر للمرة الأولى خلال العمليات العسكرية الروسية داخل منطقة كورسك
التي تسللت إليها قوات أوكرانية الصيف الماضي، فبعد انتشار مسيّرات الوحدة، واجهت أوكرانيا
انهيارًا شبه كامل في خطوط الإمداد، ما دفعها للانسحاب المبكر، وفي مناطق مثل دونيتسك،
كانت خسائر الألوية الأوكرانية كبيرة، حيث فقدت وحدات كاملة تجهيزاتها الخاصة بالطائرات
المسيّرة خلال أسبوع واحد، وفق شهادات ميدانية.
ودفع هذا التطور القوات
الأوكرانية لمحاولة استهداف قواعد "روبيكون"، لكن نجاحها بقي محدودًا رغم
إيقاع ضربات على مواقع روسية في أفدييفكا وسومي، وبالتوازي، تعمل أوكرانيا على تطوير
شبكات تشويش ورادارات مضادة، إلا أن "روبيكون" تمكنت من التكيف السريع، مما
يعكس سباقًا تقنيًا محمومًا بين الطرفين.
واختتم التقرير أن ساحة الحرب
أصبحت "مكتظة بالطائرات المسيّرة"، كما وصفها محللون عسكريون، يرى مراقبون أن صعود
"روبيكون" مؤشر على تحول نوعي طويل الأمد في طبيعة الصراع، وبداية مرحلة
جديدة تتجاوز الأسلحة التقليدية إلى مواجهة تكنولوجية متسارعة الحسم.