سياسة دولية

ترامب يفتح "طريق الحرير الجديد" مع دول آسيا لمواجهة نفوذ روسيا والصين

ترامب يعرض على دول آسيا الوسطى موارد اقتصادية ومالية ودعمًا سياسيًا مقابل التحرر من النفوذ الروسي – الصيني – البيت الأبيض
انتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إهمال الإدارات السابقة لمنطقة آسيا، وذلك خلال اجتماعه مع قادة كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان في البيت الأبيض.

وبحث ترامب مع القادة الآسيويين، التعاون في مجال المعادن الأرضية النادرة، حيث قال: "كانت هذه الدول ذات يوم على طريق الحرير بين الشرق والغرب".

وأكد ترامب أن إدارته "عزّزت الأمن الاقتصادي الأمريكي من خلال اتفاقيات مع حلفاء وأصدقاء لتوسيع سلاسل إمداد المعادن الحيوية"، في إشارة إلى أن آسيا الوسطى قد تصبح محورًا جديدًا في المعركة الجيوسياسية على الموارد الاستراتيجية.


وفي وقت سابق، سلط موقع "إنسايد أوفر" في تقرير الضوء على محاولات الولايات المتحدة توسيع نفوذها في أوراسيا. وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن دول كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان تلعب دورا استراتيجيا محوريا في المواجهة الجيوسياسية للسيطرة على أوراسيا، إذ تنتقل تدريجيًا من دائرة النفوذ الروسي إلى تعزيز التقارب مع الصين، مع سعيها في الوقت نفسه للحفاظ على سيادتها وخدمة مصالحها.

ولفت الموقع إلى أن منطقة آسيا الوسطى أصبحت تحظى باهتمام كبير من الجانب الأمريكي، لأن الحضور الميداني في المنطقة قد يتيح لواشنطن مراقبة مشروع طريق الحرير الصيني عن قرب، كما يفتح الباب لمتابعة الوضع في أفغانستان عن كثب خصوصًا بعد أن رفضت حركة طالبان طلب ترامب بإعادة قاعدة باغرام الجوية إلى السيطرة الأمريكية، كما أن هذا الحضور سيمكّن واشنطن من تعزيز التنسيق مع سلطات هذه الدول لرصد محاولات روسيا الالتفاف على العقوبات عبر العملات المشفّرة من خلال منصّات تبادل في آسيا الوسطى أو عمليات تجارة ثلاثية.

في هذا السياق، قالت منصة "بي إن إي إنتلي نيوز" الإخبارية: "منذ أشهر، يحاول مسؤولون كازاخيون وأوزبكيون إقناع دونالد ترامب بأن يصبح أول رئيس أمريكي يزور آسيا الوسطى"، مضيفة أن "ترامب يريد بوضوح الاستفادة من الحضور الميداني، ومواصلة الدعوة إلى وصول أمريكي واسع النطاق إلى الموارد المعدنية الحيوية الوفيرة في آسيا الوسطى، واحتواء نفوذ روسيا والصين في المنطقة".

مخزون كبير من المعادن الحيوية
أشار  "مكتب آسيا الوسطى للتقارير التحليلية" (كابار) إلى أن "آسيا الوسطى تمتلك حصة كبيرة من المعادن الأساسية في العالم، تشمل 38.6% من خام المنغنيز، و30.07% من الكروم، و20% من الرصاص، و12.6% من الزنك، و8.7% من التيتانيوم"، بالإضافة إلى مخزون كازاخستان الكبير من المعادن النادرة، وتعتبر هذه المعادن بالغة الأهمية في العديد من القطاعات، من الصناعات الدفاعية إلى التقنيات الحديثة، وهي موارد تضعها واشنطن في بؤرة اهتمامها ضمن صراع النفوذ العالمي مع الصين.

وقد أدى ذلك -وفقا للموقع- إلى إبرام اتفاقيات شاملة متعلقة بالوصول إلى سلاسل التوريد مع أوكرانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وأستراليا وماليزيا وتايلاند وكمبوديا واليابان منذ عودة ترامب للرئاسة، ويضيف الموقع أن ترامب يأمل أن يستمر هذا النهج مع دول آسيا الوسطى الغنية بالموارد الطبيعية. ووفقًا لشركة "تريندز للأبحاث والاستشارات"، فإن كازاخستان هي الدولة الرئيسية التي ينبغي كسب ودها بحكم موقعها ومساحتها وحجم ثرواتها الطبيعية.

مصالح استراتيجية متبادلة
لفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تعرض على دول آسيا الوسطى موارد اقتصادية ومالية ودعمًا سياسيًا ومشاريع مشتركة بما يتيح لهذه الدول التحرر من النفوذ الروسي - الصيني، وأضاف أن الهدف بالنسبة للولايات هو تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى وحماية الإمدادات الحيوية، وبالتالي القدرة على منافسة الصين وروسيا على المستوى العالمي، عبر التحرك مباشرة داخل منطقة نفوذهما.

وجاء الاجتماع بعد تراجع التوتر التجاري بين واشنطن وبكين، خصوصا حول سيطرة الصين على توريد المعادن النادرة عالميا، حيث شددت قيودها على تصديرها للولايات المتحدة قبل أن تعلن عقب محادثات ترامب والرئيس شي جين بينغ في كوريا الجنوبية مؤخرا تأجيل تطبيق القيود الجديدة لمدة عام.

وتنتج الصين اليوم نحو 70 بالمئة من المعادن النادرة عالميا، وتحكُم قبضتها على 90 بالمئة من عمليات تعدينها، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى البحث عن بدائل استراتيجية، وتُعدّ دول آسيا الوسطى غنية بهذه المعادن حيث تمتلك احتياطيات واسعة منها، وتنتج نصف إمدادات اليورانيوم العالمية الضرورية للطاقة النووية، لكن هذه الدول تعاني من نقص حاد في الاستثمارات اللازمة لتطوير قطاعها التعديني.

وتتجه معظم الصادرات المعدنية من المنطقة إلى الصين وروسيا، ففي عام 2023 صدّرت كازاخستان معادن حيوية بقيمة 3.07 مليار دولار إلى الصين، و1.8 مليار دولار إلى روسيا، مقابل 544 مليون دولار فقط للولايات المتحدة.