ملفات وتقارير

الكوت ديفوار على موعد مع انتخابات حاسمة.. واتارا في سباق مع المعارضة

يثير ترشح الرئيس واتارا الحالي لولاية جديدة جدلا داخليا حول مستقبل التداول الديمقراطي وإمكانية تجديد النخب السياسية بعد أكثر من 14 عاما من حكمه.. الأناضول
صادق المجلس الدستوري في كوت ديفوار، أمس الأثنين، على القائمة النهائية للمرشحين الذين سيتنافسون في الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، حيث ضمت خمسة أسماء فقط من أصل نحو 60 ملفا قُدّم في وقت سابق.

وقالت رئيسة المجلس الدستوري، شانتال نانابا كامارا، في مؤتمر صحفي إن المرشحين الذين استوفوا متطلبات المادة 55 من الدستور والمادة 48 من القانون الانتخابي، هم: الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا، الذي يسعى لولاية جديدة، الوزير السابق للتجارة جان ـ لويس بيون، الوزير السابق أهوا دون ـ ميلو جاكوب، السيدة الأولى السابقة سيمون إيهفيت غباغبو، السياسية هنرييت لاغو، التي سبق أن خاضت السباق الرئاسي عام 2015.

وبهذا القرار، يكون واتارا قد ضمن حضوره في منافسة قوية تجمع بين مرشحين من أجيال وتجارب سياسية مختلفة، وسط أجواء يتوقع أن تشهد توترا سياسيا بالنظر إلى الإرث التاريخي للانتخابات في البلاد.

تفاصيل العملية الانتخابية

وأوضح المجلس الدستوري أن الانتخابات ستجري في 11 ألفا و906 مركز اقتراع، منها 11 ألفا و835 داخل كوت ديفوار و71 في الخارج، موزعة على 25 ألفا و678 مكتب اقتراع، من بينها 25 ألفا و370 داخل البلاد و308 خارجها، ما يعكس جهودا تنظيمية ضخمة لضمان مشاركة واسعة.

وتبدأ الحملة الانتخابية رسميا في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، وتستمر حتى 23 من الشهر ذاته، وفق مرسوم رئاسي صدر بهذا الخصوص.

شهدت كوت ديفوار خلال العقدين الأخيرين أزمات انتخابية دامية، أبرزها أزمة 2010-2011 حين رفض الرئيس السابق لوران غباغبو الاعتراف بفوز الحسن واتارا، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مسلحة خلفت أكثر من 3 آلاف قتيل، وتدخل عسكري دولي أنهى الأزمة بانتقال السلطة إلى واتارا.

كما عرفت انتخابات 2020 احتجاجات عنيفة إثر قرار واتارا الترشح لولاية ثالثة اعتبرتها المعارضة مخالفة للدستور، وأدت المواجهات حينها إلى سقوط مئات الضحايا.

الحسن واتارا.. أكثر من عقد في السلطة

يتولى واتارا (81 عاما) رئاسة كوت ديفوار منذ عام 2011، وقد أعيد انتخابه عام 2015 لولاية ثانية، ثم فاز بولاية ثالثة مثيرة للجدل في 2020. وخلال سنوات حكمه، حققت البلاد نسب نمو اقتصادي مرتفعة جعلت أبيدجان واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في إفريقيا. لكن مع ذلك، وُجهت إليه انتقادات واسعة تتعلق بتركيز السلطة، وبضعف المصالحة الوطنية بعد الحرب الأهلية، إضافة إلى اتهامات بالحد من التعددية السياسية.

ويثير ترشحه الحالي لولاية جديدة جدلا داخليا حول مستقبل التداول الديمقراطي وإمكانية تجديد النخب السياسية بعد أكثر من 14 عاما من حكمه.

دلالات سياسية

ويُنظر إلى دخول سيمون غباغبو ـ أرملة الرئيس الأسبق لوران غباغبو ـ إلى السباق الرئاسي كعامل سيزيد من حدة المنافسة، نظرا لرمزية اسمها ودورها السياسي السابق. كما يطرح ترشح هنرييت لاغو حضورًا نسائيًا بارزًا، ما يضفي بعدًا مختلفًا على المشهد الانتخابي.

أما ترشح واتارا، فيظل محور النقاش الأبرز، وسط جدل داخلي بين مؤيدين يعتبرون استمراره ضمانة للاستقرار الاقتصادي، ومعارضين يرون فيه تكريسا لحكم طويل يحدّ من فرص التداول الديمقراطي.

الانتخابات في كوت ديفوار تأتي ضمن موجة استحقاقات انتخابية حاسمة في غرب إفريقيا خلال 2025، حيث تستعد غانا لانتخابات عامة يُنظر إليها كاختبار جديد لنموذجها الديمقراطي المستقر، فيما تعيش بوركينا فاسو على وقع مرحلة انتقالية مرتبطة بالانقلابات العسكرية الأخيرة، وسط ضغوط إقليمية لاستعادة المسار المدني.

هذا المشهد يعكس حالة مفصلية يعيشها الإقليم، تتراوح بين تجارب ديمقراطية تسعى لترسيخ التعددية، وتجارب أخرى تواجه تحديات الانقلابات والأزمات الأمنية، ما يجعل استحقاق أبيدجان محط أنظار المجتمع الدولي كاختبار لاستقرار إحدى أكبر اقتصادات غرب إفريقيا.

تمثل الانتخابات المقبلة في كوت ديفوار اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الدولة على تجاوز ماضيها الانتخابي المضطرب، كما ستحدد نتائجها شكل التوازنات السياسية في غرب إفريقيا، حيث تُعد أبيدجان لاعبًا اقتصاديًا محوريًا. نجاح العملية الانتخابية بشكل نزيه وسلمي قد يعزز ثقة المستثمرين ويقوي دور البلاد كركيزة للاستقرار الإقليمي، بينما أي انزلاق جديد قد ينعكس سلبًا على المنطقة برمتها.