سياسة عربية

مصدر بـ"الثنائي الشيعي" اللبناني: قائد الجيش أبلغنا أن المؤسسة العسكرية لن تدخل في صدام معنا

المصدر أكد أن الخطة التي سيعرضها الجيش ستكون مرنة وستترك الباب مفتوحا أمام الحوار لا الصدام- مواقع التواصل
كشف مصدر في "الثنائي الشيعي" اللبناني ("حزب الله" و"حركة أمل") أن "قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، أبلغهم بوضوح في إحدى الجلسات الخاصة التي عُقدت خلال الأيام الماضية، أن المؤسسة العسكرية لن تدخل في صدام أو مواجهة دامية مع الثنائي تحت أي ظرف، ومهما كانت ضغوط الحكومة أو الإملاءات الخارجية".

وأكد المصدر، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن "هذا الموقف الحاسم من قيادة الجيش يعكس وعيا كاملا بخطورة الانجرار إلى مواجهة داخلية، ويؤكد أن المؤسسة العسكرية تبقى مظلة جامعة لكل اللبنانيين فوق الانقسامات، فضلا عن أنه يعكس إدراك قيادة الجيش بأن قرارات الحكومة الحالية تفتقر إلى الشرعية الشعبية والسياسية الكاملة، وأنها غير قابلة للتنفيذ من دون غطاء وطني جامع".

وتابع: "الجيش يلتزم موقعه كضامن للوحدة الوطنية وحامٍ للاستقرار الداخلي، وليس أداة في يد أي طرف سياسي، وهو لا يمكن أن يكون أداة صدام داخلي، وقائده يرفض ذلك رفضا قاطعا، ويدرك جيدا خطورة وكارثية الزج بالجيش في مواجهة داخلية طاحنة تخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية على حساب السلم الأهلي والاستقرار اللبناني".

خطة الجيش المرتقبة

وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الإفصاح عن هويته، أن "الخطة التي سيعرضها الجيش اللبناني في 2 أيلول/ سبتمبر المقبل بخصوص كيفية معالجة أزمة حصرية السلاح ستكون مرنة بشكل توافقي على الأرجح بحيث تسمح بإدراج بنود متفق عليها مع الجهات المعنية بملف المقاومة وسلاحها، من دون تحديد أي جداول زمنية صارمة، وهو ما يترك الباب مفتوحا أمام الحوار لا الصدام، ونحن نتفاءل بشكل حذر بهذه الخطة المرتقبة".

وبشأن إمكانات التوافق السياسي بين "الثنائي الشيعي" والحكومة قبل انعقاد الجلسة الحكومية المقبلة، أكد المصدر أنه "لا يوجد حوار قائم حاليا بين الطرفين؛ إذ يتمسك كل طرف بموقفه، ولا توجد نقاط مشتركة حقيقية حتى الآن"، متابعا: "ما يعنينا بالأساس هو موقف الجيش لا الحكومة، خاصة أن رئيس الحكومة لا يُمثل أحدا؛ إذ ليست لديه كتلة نيابية، ولا قاعدة بلدية، ولا حتى تمثيل شعبي يُذكر، وهو أساسا لم يكن نائبا، بل كان مقيما خارج لبنان كمغترب، ثم عاد أخيرا إلى البلاد"، وفق قوله.

وعن احتمالات المواجهة الداخلية، شدّد المصدر على أن "المواجهة مع مَن؟، الجيش اللبناني هو الطرف الوحيد المعني بتنفيذ هذه الخطة، وهو مؤسسة جامعة ترفض تماما الانزلاق إلى أي صدام داخلي، بل هو الجهة الوحيدة التي ما زالت تدير الحوار مع جميع الأطراف المعنية، لا سيما أنه يضم جميع الشرائح والطوائف والمكونات اللبنانية تحت سقف الدولة".

وتابع المصدر قائلا: "الطرح الأمريكي لا يقتصر على السلاح الهجومي فقط، بل يشمل كل شيء، من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة بعيدة المدى، إلى الأسلحة الخفيفة والذخائر. بمعنى آخر، ما يُطرح هو نزع شامل للسلاح"، متابعا: "أما نحن، فلسنا في وارد مناقشة هذا الطرح في التوقيت الراهن. ومع ذلك، يمكن البحث في أي مقترح ضمن إطار الدولة وقيادة الجيش اللبناني، بما يعزز استراتيجية دفاعية وطنية تحفظ سيادة لبنان وتردع أي عدوان إسرائيلي".

تأجيل احتجاجات حزب الله وحركة أمل

وبسؤاله عن ملابسات إعلان حزب الله وحركة أمل تأجيل تنظيم وقفة احتجاجية كانت مقرّرة مساء الأربعاء المقبل، أجاب: "الإعلان عن التظاهرات الأخيرة لم يكن موجها بشكل مركزي، بل اقتصر على تحرك نقابي يخص العمال فقط، وهذا الإعلان أثار ردود فعل واسعة في الوسط السياسي اللبناني، ما استدعى اتصالات مباشرة مع رئيس البرلمان نبيه بري، الذي طلب تأجيل هذه الخطوة إفساحا في المجال أمام النقاش والحوار وصولا إلى موقف جامع، ونحن وافقنا على هذا الطرح، مع التشديد على أن التأجيل لا يعني الإلغاء، بل إن الأمر مؤجل فقط إلى ما بعد جلسة الحكومة المقررة في 2 أيلول/ سبتمبر المقبل".

وعلى صعيد الموقف الإسرائيلي من الورقة الأمريكية، لفت إلى أن "الاحتلال لم يوافق عليها كما هي، بل أضاف إليها بنودا جديدة تمسّ بالسيادة اللبنانية. هذه البنود تضمنت إخلاء 6 بلدات محاذية للحدود بشكل كامل، والسماح بحرية التحرك للاحتلال داخل 8 قرى أخرى، فضلا عن إنشاء نقاط مراقبة داخل الأحراج في هذه القرى، الأمر الذي يعني عمليا سيطرة إسرائيلية كاملة على 14 بلدة لبنانية، وهذا الطرح يُمثل احتلالا مقنّعا لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال".

وفي تعليقه على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن "مساعدة لبنان في نزع سلاح حزب الله"، وصف المصدر نتنياهو بأنه "شخص مهووس بالعظمة، وكاذب محترف، ومتعطش للدماء"، مضيفا: "لكن تصريحاته تلك لا تعنينا في شيء؛ فهو لطالما قال عكس ما يفعل، واليوم يحاول تسويق أوهام بعدما عجز عن تحقيق إنجازات ميدانية حقيقية. لبنان لن يستسلم مهما قال أو فعل الاحتلال".

ونوّه المصدر ذاته إلى أن "الشارع اللبناني لا يولي تلك التصريحات أي أهمية تُذكر، لأنه يدرك أن أقوال نتنياهو لا تُترجم على أرض الواقع، تماما كما فعل في اتفاقات وقف إطلاق النار التي لم يلتزم بها".

أما بشأن الزيارة الأخيرة التي أجراها المبعوث الأمريكي توماس باراك إلى بيروت، فكشف المصدر أن "اللقاء الذي جمعه بالرئيس بري تناول آلية تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية المتعلق بسلاح المقاومة، إلا أن الرئيس بري أكد مُجددا أن أي نقاش في ملف السلاح مرهون أولا بالتزام إسرائيل بالقرار الدولي 1701، ووقف اعتداءاتها وانسحابها من النقاط الخمس المحتلة، بالإضافة إلى أن الرئيس بري شدّد أيضا على ضرورة التجديد لقوات (اليونيفيل) الموجودة في لبنان".

وزاد: "إسرائيل مطالبة بوقف اعتداءاتها على السيادة اللبنانية، والانسحاب من النقاط الخمس المُحتلة، وإعادة الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، أولا وبشكل كامل وليس وفق ما يسمونه استراتيجية خطوة مقابل خطوة. ولا يمكن للمقاومة أن تتقدم في أي مسار قبل أن تلتزم إسرائيل بذلك، وعندها فقط يمكن البحث في مناقشة بنود الاستراتيجية الدفاعية، وليس التخلي عن السلاح، بحيث يمتلك لبنان جيشا قويا قادرا على حماية سيادته".

وختم المصدر في "الثنائي الشيعي" تصريحاته قائلا إن "الأوضاع تتجه إلى شدّ حبال بيننا وبين الحكومة اللبنانية وقراراتها التي لا يمكن تنفيذها من دون تعاون الجيش اللبناني ووعيه، ونثق أن سيادة لبنان وإرادة مقاومته ستفرض في النهاية معادلتها وتنتصر".