صحافة دولية

إدارة ترامب تتجه لمراجعة سياسات القبول الجامعي بعد إلغاء "التمييز الإيجابي"

WSJ: معركة ترامب القادمة مع الجامعات هي منع المساواة العرقية في القبول - جيتي
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا أعده الصحفي مات بارنوم، كشف فيه أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتجه إلى التركيز على محور جديد في سياسات التعليم العالي، يتمثل في التدقيق في ما إذا كانت الجامعات الأمريكية تلجأ إلى استخدام "وكلاء عرقيين" عند قبول الطلاب بهدف الحفاظ على التنوع داخل الحرم الجامعي، وذلك بعد قرار المحكمة العليا بإلغاء العمل بنظام التمييز الإيجابي عام 2023.

وبحسب التقرير، فإن البيت الأبيض أصدر خلال الأشهر الماضية سلسلة من المذكرات والإجراءات الفيدرالية التي تحذر الجامعات من التحايل على قرار المحكمة. ففي تموز/يوليو الماضي، وجهت المدعية العامة بام بوندي مذكرة اعتبرت أن استخدام معايير مثل الخلفية الجغرافية أو مقالات المتقدمين التي تسرد تجاربهم في مواجهة الصعوبات قد يُعدّ وسيلة غير قانونية لتفضيل أعراق بعينها.

كما أعلنت وزارة التعليم الأمريكية إلزام الجامعات بتقديم بيانات مفصلة حول المتقدمين مصنفة حسب العرق، بحجة ضمان الشفافية ومنع أي ممارسات مخالفة. ويرى منتقدو هذه الخطوة أن الإدارة تسعى من خلالها إلى تضييق الخناق على أي محاولات للحفاظ على التنوع الطلابي بوسائل غير مباشرة.

منذ صدور حكم المحكمة العليا، أعلنت الجامعات الأمريكية التزامها بوقف أي اعتبارات مباشرة للعرق في القبول، لكنها في المقابل اعتمدت استراتيجيات بديلة كتكثيف برامج التوظيف الأكاديمي في المجتمعات المهمشة. إلا أن تقارير عدة أظهرت تراجعًا ملحوظًا في نسبة الطلاب السود في بعض المؤسسات المرموقة خلال عام 2024، وهو ما أثار جدلاً واسعًا بشأن تداعيات إلغاء التمييز الإيجابي.

ويرى المحافظون، ومن بينهم الناشط إدوارد بلوم، أن استمرار تسجيل طلاب سود بنسبة ثابتة أو مرتفعة في بعض الجامعات "دليل على لجوء تلك المؤسسات إلى وكلاء غير قانونيين". بينما يعتبر مسؤولو الجامعات أن هذه الاتهامات تفتقر إلى أدلة ملموسة، مؤكدين أنهم يلتزمون بالقانون الجديد.

وقد توصلت إدارتا جامعتي كولومبيا وبراون إلى اتفاق مع الحكومة الفيدرالية يقضي بعدم استخدام البيانات الشخصية للمتقدمين بما قد يفسَّر كتفضيل عرقي. وفي الوقت ذاته، تواجه جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ضغوطًا مالية وسياسية ضخمة بعد مطالبة الإدارة بدفع مليار دولار، ضمن مسعى لإلغاء "أي تفضيلات قائمة على الهوية" في القبول والمنح الدراسية.

تثير هذه الإجراءات مخاوف واسعة بين خبراء التعليم. فوفقًا لريتشارد كاهلينبرغ، الخبير في معهد السياسة التقدمية، فإن وزارة العدل لا تملك صلاحية لتغيير القانون، لكنها قد تُرهب الجامعات وتدفعها للتراجع عن سياسات تعزز تكافؤ الفرص. أما أستاذ القانون بجامعة جورج ماسون، ديفيد بيرنشتاين، فاعتبر أن تفسير الإدارة للتشريعات "متشدد إلى حد كبير".

القضية لا تقتصر على الجامعات فحسب، بل امتدت إلى المدارس الثانوية. ففي ولاية فرجينيا، رفعت دعاوى قضائية ضد تغيير في سياسات القبول اعتُبر أنه أدى لزيادة نسبة الطلاب السود واللاتينيين، مقابل انخفاض تسجيل الطلاب الآسيويين. ورغم أن محكمة استئناف فيدرالية أيدت هذه السياسة، فتحت إدارة ترامب تحقيقًا خاصًا في القضية.

ويخلص التقرير إلى أن المشهد الأمريكي مرشح لمزيد من التصعيد القانوني والسياسي، مع استعداد الإدارة وحلفائها المحافظين لاختبار حدود قرار المحكمة العليا في كل مستويات التعليم. وبينما يصرّ البيت الأبيض على أن هدفه هو ضمان "العدالة" في القبول الجامعي، يرى منتقدون أن هذه السياسات قد تؤدي عمليًا إلى تقليص حضور الأقليات العرقية داخل الجامعات، بما يهدد مبدأ التنوع الذي طالما شكل ركيزة أساسية للحياة الأكاديمية الأمريكية.