كشفت وسائل إعلام محلية عراقية عن تلقي السلطات في
العراق تحذيرات شديدة من الإدارة الأمريكية تنذر بقرب معاقبة شركة تسويق النفط الرسمية "سومو"، وذلك بسبب تورطها بما يعرف إعلاميا بـ"أسطول الظل" الذي يهرب النفط
الإيراني عبر مياه الخليج العربي.
وأوضح عضو لجنة الطاقة البرلمانية العراقية، صباح صبحي حيدر أن "هناك احتمال بتجميد ما قدره 450 مليون دولار من أرصدة شركة سومو، وفي حال صدور قرار من الحكومة الأمريكية ضدها، فسيتم فرض العقوبات على الصادرات النفطية العراقية".
وأكد النائب حيدر خلال تصريحات نقلتها منصة "الجبال" العراقية، الاثنين، أن لجنة الطاقة البرلمانية، بصدد استدعاء وزير النفط، حيان عبد الغني، ومديري شركتي "سومو" و"الناقلات العراقية"، للتحقق مما يشاع عن
تهريب النفط الإيراني عبر موانئ العراق.
عقوبات مستبعدة
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني، لـ"عربي21"، إن "وسائل الإعلام تحدثت عن معلومات مسربة من دوائر القرار الأمريكية تنوي فرض عقوبات، خاصة بعد كشف قضية خلط النفط الإيراني مع العراقي، وتسويقه عبر وثائق عراقية".
لكن المشهداني، استبعد فرض
عقوبات أمريكية على شركة "سومو"، وذلك "لأن العراق له حصة في منظمة أوبك وهي مراقبة بشكل جيد، وأن البلد بحاجة ماسة للأموال كونه يعاني من عجز كبير، لهذا فإنه من غير المنطقي أن يجري تصدير نفط إيراني بدل العراقي أيا كانت الكمية".
وأوضح الخبير الاقتصادي أن "منظمة أوبك لا تعتمد على الجداول التي يعلنها العراق بخصوص تصديره للكميات النفطية، وإنما اعتمادها على الشركات التي تستلمها، وشركة سومو تتعامل بنظام يكاد يكون فريدا من نوعه، كونها ليس لها تعامل بالسوق الفوري".
وبيّن المشهداني أن "عمل سومو يجري عبر الإعلان منذ بداية العام عن الشركة التي تشتري النفط الخام والتي يجب أن تكون لديها مصفاة، وأن عملية نقل هذه الكميات تجري عبر ناقلات نفط عالمية، لأن العراق لديه ناقلتين ودخلتا الخدمة من مدة قصيرة".
ولفت إلى أن "ما أعلن عنه قبل مدة من احتجاز شحنات نفطية في مياه الخليج العربي، هو كان بوثائق مزورة، لذلك استبعد أن تفرط شركة سومو بمصلحة العراق، لأنه إذا جرى فرض عقوبات وتوقيف صادرات النفط لساعتين سنعاني من أزمة شديدة".
وتابع: "كذلك أستبعد فرض عقوبات أمريكية على نفط العراق، لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسته هي الإبقاء على أسعار النفط منخفضة بين 50 و60 دولارا للبرميل الواحد".
وأردف: "لذلك ليس من السهل إبعاد 3.3 مليون برميل نفط عراقي من السوق على أساس ادعاءات بالتهريب، لأن هذا يعني أن السعر سيقفز الـ85 دولارا للبرميل، وهذا لا تريده الولايات المتحدة".
وتوقع المشهداني أن "تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على شخصيات أو شركات، مثلما حصل مع الشخص المتهم حاليا بعمليات التهريب، لكنني استبعد أن تعاقب شركة سومو الرسمية العراقية".
وفي مطلع تموز/ يوليو الجاري، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية رجل أعمال عراقي يدعى سالم أحمد سعيد المعروف إعلاميا بـ"أوميد" ضمن القائمة السوداء بتهمة تسهيل تهريب النفط الإيراني باستخدام وثائق عراقية مزوّرة بتواطؤ مع مسؤولين عراقيين لتغطية هذه العمليات.
وفي آذار/ مارس الماضي، قال وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، في مقابلة عبر قناة "العراقية" الرسمية، إنه "وصلت إلينا بعض الاستفسارات الشفهية بأن هناك ناقلات نفط احتجزتها القوات البحرية الأمريكية في مياه الخليج، كانت تحمل قوائم شحن عراقية، وتبين أنها تابعة لإيران، وأوضحنا للجهات المعنية أن سومو تعمل بكل شفافية ولم ترتكب أي خطأ".
"صعقة اقتصادية"
وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي العراقي، نبيل جبار التميمي، في حديث لـ"عربي21" إن "احتماليه فرض عقوبات أمريكية على شركة سومو العراقية تبقى مرتبطة بطبيعة السياسة التي تنوي الولايات اتباعها مع العراق".
وأضاف التميمي أن "هذه السياسة إما تكون متشددة تفرض من خلالها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية ومالية ومنها تجميد بعض أو كل الأصول المالية، أو تتبع سياسية مخففة تحذيرية إلى العراق تعيد من خلالها ضبط إيقاع العقوبات ومنع اختراقها".
ولفت إلى أنه "قد يرتبط تنفيذ أي من الاحتمالين السابقين بمسار المفاوضات أو الصراع القائم بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية على اعتبار أن العراق قد يصنف ضمن الجبهات التي تدعم طهران في الحرب، والتي قد تطاله نار العقوبات نتيجة لموقفه السياسي".
وأكد التميمي أن "أي قيود على تصدير النفط العراقي سيسبب صعقة اقتصادية على العراق، كذلك إذا فرضت عقوبات أخرى على الأموال العراقية المودعة غالبيتها في البنوك الأمريكية، فإنه سيسبب حصارا اقتصاديا مباشرا على البلاد ويعصف بالاقتصاد العراقي بشدة".
أما عن التدابير التي يمكن للحكومة العراقية اتخاذها، فقد رأى التميمي أن "تكون إجراءات مباشرة وفورية، وذلك بإجراء تحقيق شفاف عن حقيقة وجود استغلال للمؤسسات النفطية والوثائق العراقية لتهريب النفط الإيراني من عدمه".
ونوه إلى أنه "إذا لم تكن المؤسسات العراقية أو بعض موظفيها فيها شركاء في ذلك فعلى الحكومة بيان الأمر بأن عمليات التهريب كانت تتم بوثائق مزورة، ولا يد لأي طرف عراقي فيها".
وأردف: "أما إذا ثبت للحكومة العراقية بأن أطرافا عراقية كانت تمارس هذا النوع من التسهيلات فمن واجب الحكومة عزل هؤلاء الموظفين فورا، وتقديمهم إلى العدالة وتوضيح ذلك أمام المجتمع الدولي".
وتتولى شركة تسويق النفط العراقية، المعروفة اختصارا بـ"سومو" (SOMO)، تسويق النفط العراقي عبر موانئ البصرة على الخليج العربي، بنسبة تصل لأكثر من 90 بالمئة، وكذلك عبر منافذ أخرى أبرزها تركيا والأردن.
وتسهم الشركة في تلبية احتياجات السوق المحلية من الجازولين والغاز أويل والكيروسين والغاز السائل للسوق المحلية، فضلا عن مسؤولياتها عن إبرام العقود الخاصة بتصدير النفط الخام والمشتقات النفطية والتنسيق مع "أوبك"، وإدارة إنتاج النفط في إقليم كردستان العراق.