سياسة دولية

لماذا يعتبر تصريح ترامب عن بوتين "نقطة تحول" في حرب أوكرانيا؟

الضغط قد يشمل زيادة الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا- جيتي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه توصل إلى اتفاق مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتزويد أوكرانيا بصواريخ "باتريوت" الدفاعية، في تحول لافت بموقفه من الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال ترامب، في مقابلة مع شبكة NBC، إن واشنطن "سترسل صواريخ باتريوت إلى الناتو، وسيقوم الحلف بتوزيعها، وهو من سيتكفل بدفع الثمن بالكامل"، مضيفًا أن كييف "بحاجة ماسة لهذه الصواريخ للدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية".

وفي تعليق لافت، قال ترامب عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "سئمت من هرائه"، معتبرًا أن محاولاته لإقناع الكرملين بإنهاء الحرب باءت بالفشل. وأضاف: "كان لطيفًا جدًا طوال الوقت، لكن اتضح أن ذلك لا معنى له".

ووصفت شبكة "سي إن إن" هذه التصريحات بأنها "نقطة تحول" في خطاب ترامب، الذي ظل لسنوات يُشيد ببوتين وذكائه وقيادته "القوية"، مشيرة إلى أن هذا التحول قد يفتح آفاقًا جديدة أمام أوكرانيا وخصوم بوتين داخل الكونغرس الأمريكي، وكذلك أمام الحلفاء الأوروبيين الذين أنهكتهم الحرب.

لكن الشبكة حذرت من أن التبدل في موقف ترامب لا يخلو من المخاطر، خاصة في ظل احتمال أن يتحول الخلاف مع بوتين إلى صراع إرادات بين رجلين يقودان أكبر ترسانتين نوويتين في العالم.

ورأت "سي إن إن" أن بوتين لم يُظهر أي تجاوب يُذكر مع محاولات ترامب السابقة لوقف الحرب، رغم ما وصفتها الشبكة بـ"الشروط السخية للغاية" التي طرحها الرئيس الأمريكي للتوصل إلى اتفاق سلام.

وأضاف التقرير أن بوتين، الذي بدأ الغزو في شباط/ فبراير 2022، تجاهل تمامًا العروض الأمريكية، مدفوعًا بما يعتبره "تصحيحًا لخطأ تاريخي" مرتبط بتفكك الاتحاد السوفيتي وفقدان النفوذ في أوكرانيا.

واعتبرت الشبكة أن ترامب، المعروف بميله لعقد "صفقات كبرى"، ربما تأخر في إدراك أن بوتين لا ينوي التراجع، بل يعتبر الحرب "وجودية" لبقائه السياسي، بعد مئات آلاف الضحايا في صفوف قواته.

ونقلت "سي إن إن" عن تشارلز كوبتشان، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، قوله إن ترامب بدأ يفهم أن "ممارسة ضغط أكبر على روسيا ضروري إذا كان يريد التوصل إلى تسوية".

وأشارت الشبكة إلى أن الضغط قد يشمل زيادة الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا، إضافة إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا وشركائها التجاريين مثل الصين والهند، في حال اتجه البيت الأبيض إلى تبني مشروع قانون مشترك بين الحزبين في الكونغرس.

لكن الشبكة لفتت إلى أن موقف ترامب لا يزال ملتبسًا، إذ إنه عبّر في تصريحات سابقة عن رغبته في تحسين العلاقات مع روسيا، وقال في أبريل/نيسان الماضي: "أعتقد أنني أستطيع بناء علاقة جيدة جدًا مع الرئيس بوتين، وإذا فعلت ذلك، فسيكون ذلك أمرًا رائعًا".

وفي هذا السياق، رجّحت "سي إن إن" أن ترامب قد يعود في وقت لاحق إلى طرح تسوية مؤقتة، تسمح له بالتعامل مع روسيا اقتصاديًا في ملفات أخرى، مقابل غض الطرف عن استمرار الحرب في أوكرانيا، وهو ما يخدم بوتين، ويسمح له بكسر العزلة الدولية دون تغيير جوهري في موقفه العسكري.

كما أشار التقرير إلى لقاء جمع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنظيره الروسي سيرغي لافروف في ماليزيا، اعتبرته "مؤشرًا على أن واشنطن لم تفقد الأمل كليًا في إشراك موسكو بعملية تفاوضية".

وقال روبيو إنه نقل إلى لافروف "خيبة أمل ترامب وإحباطه"، لكنه لمح إلى "نهج روسي جديد"، دون تقديم تفاصيل إضافية.

ورأت "سي إن إن" أن أحد التساؤلات الجوهرية حاليًا هو ما إذا كان ترامب، الذي اعتبر طويلاً أن بإمكانه تحقيق ما عجز عنه أسلافه مع روسيا، سيغيّر منهجه بالكامل، أو أنه سيواصل محاولاته لإعادة بوتين إلى طاولة المفاوضات.

وختمت الشبكة تقريرها بالتحذير من أن تدهور العلاقة بين ترامب وبوتين قد يُفضي إلى تصعيد متبادل، خاصة في ظل التوترات النووية المحيطة بالحرب، ووجود تيارات داخل الحزب الجمهوري تُعارض الاستمرار في دعم أوكرانيا، وتركز على مواجهة الصين بوصفها التهديد الأكبر.

وفي الوقت ذاته، شددت "سي إن إن" على أن النزاع في أوكرانيا قد يظل نقطة اختبار رئيسية لأي رئيس أمريكي، مستشهدة بتصريح سابق للرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2016 قال فيه: "الحقيقة هي أن أوكرانيا، دولة غير عضوة في الناتو، وستظل عرضة للهيمنة الروسية مهما فعلنا".