مقالات مختارة

فشل “النصر الحاسم”… أكبر خسارة للصهاينة!

جيتي
الخسارة الأكبر للصهاينة والأمريكان في عدوانهم على غزة وعلى لبنان واليمن وإيران ليست فيما قيمته 12 مليار دولار أو 20 مليار دولار تجاه كل طرف أو أقل أو أكثر! وليست في تفاصيل الخسائر المادية الأخرى مهما كانت ضخامتها (ترحيل سكان الجنوب وقتل وجرح الآلاف من الصهاينة (طوفان الأقصى)، ضرب حيفا وإفراغ الشمال من سكانه لحد الآن (من قبل حزب الله)، غلق ميناء أم الرشراش – إيلات – الحصار البحري عبر البحر الأحمر، الحصار الجوي عبر ضرب مطار اللد (من قبل اليمنيين)، تدمير مواقع حساسة واستراتيجية بدقة داخل فلسطين المحتلة مثل معهد وايزمان، وزارة الدفاع، مصفاة حيفا… (من قبل الإيرانيين)، كلها خسائر معتبرة حقيقة، ولكن الخسارة الأكبر لهم لحد الآن هي الفشل في تحقيق هدفهم الأساس المتمثل فيما أسموه “النصر الحاسم”! لم يحسموا أية معركة لصالحهم باستسلام الخصم ورفع الراية البيضاء في أي موقع.

لم يحقِّقوا ذلك مع المقاومة في فلسطين رغم الإبادة الجماعية والتجويع اليومي وقتل الآلاف من الأطفال والنساء بكل وحشية ودموية يوميا، ولم يفعلها اليمن رغم العدوان المستمر عليه من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهما الغربيين! ولم تفعلها إيران رغم خسارتها لعدد كبير من قادتها العسكريين والسياسيين وضرب منشآتها النووية والمدنية بِأفتك الأسلحة، ولم يفعلها حزب الله رغم استشهاد خيرة قيادته واضطراره إلى قبول وقفٍ لإطلاق النار.

أي أن الخسارة الأكبر للصهاينة اليوم وكذلك لحلفائهم إنما تتمثل في فشلهم في إنشاء شرق أوسط جديد مستسلم على المقاس كما كانوا يَتصورونه قبل معركة طوفان الأقصى.

كانت حساباتهم تقول أنه لم يبق أي معارض لِهيمنتهم في المنطقة، وأن الأمر سيُحسم قريبا مع نهاية سنة 2023 ليُطبّع الجميع (خطاب المجرم نتنياهو أمام الأمم المتحدة في 22 سبتمبر 2023)… كانوا يعتقدون أن ملف القضية الفلسطينية سيُغلَق وللأبد تبعا لذلك! وإذا برجال أفذاذ من داخل فلسطين المحتلة ومن خارجها قرأوا اتجاه التاريخ القراءة الصحيحة وقاموا بما ينبغي أن يقوموا به (طوفان الأقصى) لمنع تحقق هذا المشروع الصهيوني ومازالوا إلى اليوم صامدين رغم التضحيات الجسام… فهل تحقق لهم ما أرادوا؟

بكل تأكيد، وأكبر نصر حقَّقوه أن العالم اليوم بات كله يُعلِن بأعلى صوته ” فلسطين حرة”، بل سارعت حكومات غربية، كانت بالأمس مترددة، بإعلان اعترافها بدولة فلسطين وعلى رأسها إيرلندا واسبانيا والنرويج وسلوفينيا في أوروبا وأخرى في منطقة الكاريبي، جامايكا وترينيداد وتوباغو وبربادوس وجزر الباهاما.. وقطعت أخرى علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الظالم (كولومبيا، بوليفيا، جنوب افريقيا)، ولم يعد هناك من يقف إلى جانبه مؤيدا جرائمه سوى الأمريكيين وبعض الجزر النائية والحكومات المنبوذة من قبل شعوبها.. والأهم من ذلك أنه تم الكشف عن الوجه القبيح لِلصّهيونية ولِلتّطبيع.

وعلِم الجميع مع مَن قام العرب بالتطبيع؟ ومع مَن سيُطبّعون إن فعلوها في المستقبل وقد سقط القناع عن صورة “إسرائيل” الديمقراطية المزعومة، وانكشفت حقيقة الإجرام والغدر والخداع والظلم والاغتيالات الجبانة التي هي جوهرها… فمَن يستطيع بعد اليوم مد يده إلى مَن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء وقاموا بتجويع الأطفال حد الموت؟

أليست هذه هي أكبر هزيمة مُني بها العدو الصهيوني؟ هل ستنفع مبررات السلام المزعومة مع هذا العدو؟ أم أن الأمر قد حُسِم من قبل جميع شعوب ودول العالم إلا من استثنى نفسه: أن الدولة الفلسطينية لا بد قائمة على أرض فلسطين وأن لا مكان للصهيونية البغيضة في هذه الأرض أو في غيرها من بقاع العالم.. لقد انتهت حقبة وبدأ خط اتجاه جديد للتاريخ خلافا لِما حلم به المجرم نتنياهو وهذا هو النصر الاستراتيجي الذي حققته معركة طوفان الأقصى…

الشروق الجزائرية