ألقى نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الأحد، خطابا لافتا في ختام مؤتمر "أمريكا أولا" الذي رعته منظمة "تورنينغ بوينت يو إس إيه"، المؤسسة من قبل الناشط المغتال تشارلي كيرك، في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، في ظهور اعتُبر غير اعتيادي خلال اليوم الختامي للفعالية.
وذكرت قناة "فرانس24" في تقرير لها أن فانس قدّم نفسه، فعليا، بوصفه وريثا محتملا للرئيس المحافظ دونالد
ترامب، ويُعد المؤتمر، الذي تنظمه المنظمة المعروفة بالترويج لسياسات محافظة داخل المدارس الثانوية والكليات والجامعات الأمريكية، مناسبة أساسية لحشد القواعد الشبابية المحافظة.
وشدد فانس أمام جمهور محافظ متحمس، على انتمائه المعروف سابقا للتيار السياسي الذي يقوده ترامب، مع إبرازه مضمونا أيديولوجيا أكثر وضوحا، يقوم على القومية من جهة، والمسيحية من جهة أخرى، مع التأكيد على هوية أمريكية بيضاء، في ما بدا تمهيدا لخطاب سياسي انتخابي يسبق بنحو عامين استحقاق
انتخابات 2028.
اظهار أخبار متعلقة
وتحول مؤتمر "أمريكا أولا" إلى محطة بارزة لليمين المحافظ، حيث اختار نائب الرئيس الأمريكي مخاطبة القاعدة الجماهيرية المحسوبة على تيار ترامب، من خلال تكريم ذكرى تشارلي كيرك، وإثارة الجدل حين عبّر عن تشكيكه في موقف وأداء مؤسسات الدولة إزاء عملية اغتياله، في ما اعتبره مراقبون امتدادا لنزعته المعروفة نحو تبني نظريات المؤامرة.
وعلى الرغم من أن جي دي فانس لم يعلن رسميا ترشحه لانتخابات عام 2028، فإن معطيات عدة تشير إلى أن حملته بدأت فعليا، بحسب ما أوردته قناة "فرانس24".
وأفادت القناة بأن إريكا كيرك، زوجة تشارلي كيرك، التي تولت رئاسة منظمة "تورنينغ بوينت" وإدارة شؤونها عقب اغتياله، أبدت دعمها لفكرة خلافة فانس للرئيس دونالد ترامب، وهو تأييد وُصف بالمؤثر نظرا لما تملكه من قدرة على الحشد عبر شبكة واسعة من المتطوعين والأنصار.
ويحرص فانس، الشاب المتشبع بقيم أمريكا التقليدية والذي قدّم نفسه بوصفه نموذجا صعد بجهده الشخصي، على الظهور كمرشح يمثل الامتداد الطبيعي لحركة "ماغا".
وبكم الفارق الجوهري بينه وبين دونالد ترامب يكمن في الأسلوب، فبينما يتسم خطاب ترامب بالتصادم والإثارة، يسعى فانس إلى بلورة مشروع فكري متكامل، يحتل فيه مفهوم القومية المسيحية موقعا مركزيا.
اظهار أخبار متعلقة
وخلال خطابه، وصف فانس الولايات المتحدة بأنها أمة تعاني من أزمة هوية وانتماء، مهددة بالعولمة وتعدد الثقافات، مؤكدا أن المسيحية لا تمثل مجرد عقيدة دينية، بل تشكل أساسا أخلاقيا وتاريخيا للولايات المتحدة.
وجسّد هذا التوجه بعبارة أثارت جدلا واسعا حين قال: "لستم مضطرين إلى الاعتذار لأنكم بيض"، وهي جملة تعكس بوضوح إحدى أفكار اليمين المتطرف المعاصر.
ولا يقتصر هذا الطرح على البعد العرقي فحسب، بل يندرج ضمن رؤية أشمل للولايات المتحدة بوصفها دولة بيضاء، مسيحية ومحافظة، في مواجهة ما يصفه بـ"أخطار" النخب الليبرالية والأقليات.
ووفقا لفانس، تستلزم حماية هذه الهوية تبني سياسات اقتصادية حمائية وتشديد القيود على الهجرة.
ويُعد دعم منظمة "تورنينغ بوينت يو إس إيه" عاملا حاسما في ترسيخ هذا المسار السياسي، لا سيما أن المؤتمر جمع آلاف الفروع التابعة للمنظمة في المدارس الثانوية والجامعات، وأظهر قدرة فانس على حشد جيل شاب من المحافظين المسيحيين المتدينين، وغالبيتهم من البيض.
اظهار أخبار متعلقة
ومع ذلك، قد تواجه هذه "الوصفة الأيديولوجية" تحديات عدة، من بينها تحفظ بعض صناع القرار في واشنطن على ترشيح فانس، ليس لامتلاكهم بديلا واضحا في المرحلة الحالية، بل لرفضهم شخصه بوصفه المرشح الأقدر على تبني مشروع ترامب بالكامل، وهو ما يثير مخاوف أطراف لا ترغب في استمرار هذا النهج على المدى الطويل، وبين غياب منافسين أقوياء لنائب الرئيس وتصاعد معارضة غير معلنة، تبدو معركة خلافة ترامب مفتوحة منذ الآن.