تكتسب
بذور المشمش حضورًا متزايدًا في الأسواق البديلة، إذ يروّج بعض الباعة لفوائدها الصحية في تعزيز
المناعة ومقاومة الأمراض المزمنة. لكن خلف هذه الدعايات، يحذّر خبراء التغذية والسموم من أن هذه البذور قد تتحول إلى مصدر خطر حقيقي على
الصحة العامة، خصوصًا عند تناولها بكميات تتجاوز الحدود الطبيعية.
تحتوي بذور المشمش على مركّب كيميائي يُعرف باسم أميغدالين، وهو مركّب نباتي يوجد أيضًا في بذور التفاح واللوز المر. عند دخول الأميغدالين إلى الجسم، يتفاعل مع الإنزيمات الهاضمة ويتحوّل إلى سيانيد الهيدروجين، وهو أحد أشد السموم حدة وتأثيرًا على الجهاز العصبي.
ويرى مختصون في الكيمياء الغذائية أن السيانيد الناتج عن تفكك الأميغدالين يمكن أن يؤدي إلى أعراض تسمّم متفاوتة، تبدأ بالدوار والصداع والغثيان، وقد تصل في الحالات الشديدة إلى صعوبة التنفس وفقدان الوعي، وفي حالات نادرة قد تفضي إلى الوفاة إذا لم يُقدَّم العلاج الطارئ بسرعة.
هل هناك كمية آمنة يمكن تناولها؟
تشير تقديرات هيئات الرقابة الغذائية في أوروبا والولايات المتحدة إلى أن كمية صغيرة جدًا من بذور المشمش قد تكون كافية لإحداث مستوى مقلق من السيانيد في الجسم، خصوصًا لدى الأطفال. لذلك، تتفق جهات الأمان الغذائي على منع بيع البذور النيئة للاستهلاك المباشر في بعض الدول، أو فرض وضع تحذيرات واضحة على عبواتها.
ويشدد خبراء الصحة على أن أي ادعاءات تسوّق لبذور المشمش بوصفها "علاجًا طبيعيًا للسرطان" أو "مقوّيًا للمناعة" لا تستند إلى أدلة علمية موثوقة. بل إن بعض الدراسات التي فُسرت خطأً لدعم هذه الادعاءات كانت في الأصل تحذّر من مخاطر السمية الناتجة عن الأميغدالين.
بين الطب الشعبي والواقع العلمي
ورغم أن الثقافة الشعبية استخدمت بذور المشمش منذ عقود بجرعات صغيرة جداً، إلا أن انتشار الإنترنت وبيع المكملات العشبية زاد من الإقبال عليها بكميات غير آمنة، ما دفع مؤسسات الرعاية الصحية إلى إصدار تنبيهات متكررة حول مخاطر التسمم بالسيانيد.
ويؤكد مختصون في الصحة العامة أن الطريق نحو الاستفادة من أي منتج طبيعي يجب أن يمر عبر الجهات العلمية المختصة، وليس عبر تجارب فردية أو وصفات غير موثقة.
كما ينصحون بتجنب تناول البذور بشكلها النيء، والالتزام بالمصادر الغذائية الآمنة التي توفر فوائد أكبر، دون تعريض المستهلك لمخاطر كيميائية محتملة.