طب وصحة

دراسة تؤكد أن المشي يكبح مرض الزهايمر.. كم خطوة تحتاج لتحمي عقلك؟

يقدر عدد المصابين بالخرف حول العالم بـ 50 مليون شخص ومن المتوقع أن يزداد الرقم بحلول عام 2060- CC0
يقدر عدد المصابين بالخرف حول العالم بـ 50 مليون شخص ومن المتوقع أن يزداد الرقم بحلول عام 2060- CC0
نشر موقع "كونفرزيشن" مقالا لأستاذة علم النفس البيولوجي في جامعة لفبرة، إيف هوغرفورست، قالت فيه إن دراسة جديدة تشير إلى أن المستويات المنخفضة من النشاط البدني يمكن أن تحمي الدماغ من مرض الزهايمر، ولكن ليس بالطريقة التي توقعها العلماء.

وتتبع الباحثون ما يقرب من 300 من كبار السن الذين يعانون من علامات مبكرة لمرض الزهايمر في الدماغ لمدة تتراوح بين تسع إلى إحدى عشرة سنة باستخدام عدادات الخطوات. ووجدوا أن النشاط البدني لم يقلل من لويحات الأميلويد السامة التي تستهدفها معظم علاجات الزهايمر حاليا.

اظهار أخبار متعلقة


بدلا من ذلك، لدى الأشخاص الذين لديهم بالفعل هذه اللويحات، قلل النشاط البدني من تراكم بروتينات تاو المطوية بشكل خاطئ في مناطق معينة من الدماغ، وتظهر هذه البروتينات لاحقا في مرض الزهايمر وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتدهور المعرفي والوظيفي، وقد انخفضت علامات الخرف هذه إلى النصف تقريبًا لدى المشاركين الأكثر نشاطًا.

المشى 3 آلاف خطوة يوميا
وظهرت الفوائد عند 3000 خطوة فقط - أي ما يعادل نصف ساعة من المشي بوتيرة معتدلة، وكان النطاق الأمثل من 5000 إلى 7500 خطوة يوميًا، وبعد ذلك استقر التأثير، لم تعنِ زيادة الخطوات بالضرورة حماية أكبر، مما يشير إلى هدف واقعي لكبار السن الذين يمارسون حياة خاملة، بدلا من 10000 خطوة التي يُشار إليها غالبا.

مع ذلك، كان للدراسة بعض القيود، فقد شملت مجموعة صغيرة نسبيا من الأشخاص البيض والمتعلمين تعليما عاليا في الولايات المتحدة، ولم تأخذ في الاعتبار عوامل نمط الحياة أو العوامل الصحية الأخرى. كما قد تكون هناك آليات وقائية أخرى للمشي. لكنها تدعم الأبحاث الأخرى التي تشير إلى أن النشاط البدني قد يقلل من خطر الإصابة بالخرف.

النشاط يقلل من تدهور الذاكرة
وجدت دراسة بريطانية شملت 1139 شخصا فوق سن الخمسين أن أولئك الذين كانوا نشطين باعتدال إلى حد كبير انخفض لديهم خطر الإصابة بالخرف بنسبة 34-50% عند متابعتهم على مدى ثماني إلى عشر سنوات. ومن بين أولئك الذين أصيبوا بالخرف، قلل الحفاظ على النشاط من تدهور الذاكرة لديهم، وخاصة لدى النساء الأكبر سنا.

تتبعت دراسة بريطانية أكبر، أجريت عام 2022 ما مجموعه 78430 شخصا لمدة سبع سنوات باستخدام مقاييس التسارع المثبتة على المعصم. ووجدت انخفاضا بنسبة 25% في خطر الإصابة بالخرف مع 3800 خطوة فقط يوميا، وارتفعت النسبة إلى 50% عند 9800 خطوة.

مع ذلك، كان الأشخاص الذين يمشون أكثر يتمتعون أيضا بصحة قلب وأوعية دموية أفضل، بما في ذلك انخفاض مستويات الكوليسترول، ونوم أفضل، وضغط دم طبيعي، وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري. وبما أن عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية تزيد أيضا من خطر الإصابة بالخرف، فإن الصورة تبدو معقدة.

الرياضيون يتناولون طعاما صحيا
غالبا ما تترافق العادات الصحية معا. فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة هم أكثر عرضة لتناول الطعام الصحي، وعدم التدخين، والاهتمام بصحة قلوبهم، ولديهم ضغوط مالية أقل. وهذا يجعل من الصعب تحديد أي عامل له التأثير الأكبر. وقد حاول الباحثون أخذ ذلك في الاعتبار، ولكن نظرا للارتباط الوثيق بين هذه العادات، يصعب الجزم بأن التمارين الرياضية وحدها هي المسؤولة.

مع ذلك، هناك أدلة قوية تدعم هذه الفكرة، حيث توجد طرق متعددة يمكن من خلالها أن تدعم التمارين الرياضية الدماغ: تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وزيادة تدفق الدم، وتعزيز المواد الكيميائية التي تعزز الروابط بين خلايا الدماغ.

إحدى هذه المواد هي الإيريسين، وهو هرمون تنتجه العضلات ويؤثر على جميع آليات الدماغ المعيبة المرتبطة بمرض الزهايمر تقريبا، بما في ذلك الالتهاب، توفر هذه المادة وغيرها من المواد الكيميائية، مثل BDNF، المرتبطة بالتمارين الرياضية، مسارات بيولوجية معقولة لكيفية تأثير النشاط البدني بشكل مباشر على صحة الدماغ بما يتجاوز فوائده القلبية الوعائية.

لكن العلاقة قد تكون عكسية أيضا. فقد يصبح الناس أقل نشاطا بسبب أعراض الزهايمر المبكرة. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يُبلغ الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في السمع - وهو بحد ذاته عامل خطر للإصابة بالخرف - عن وجود عوائق تجعلهم يتوقفون عن ممارسة النشاط البدني قبل ظهور أعراض الخرف الأخرى.

حلقة مفرغة
يؤدي انخفاض النشاط البدني إلى تسريع تدهور الذاكرة، مما يخلق حلقة مفرغة. يمكن أن تؤثر أعراض المرض المبكرة - مثل ضعف السمع - على احترام الذات وتقلل من المشاركة في النشاط البدني، مما يؤدي بدوره إلى تفاقم التدهور المعرفي، قد يكون المشي السريع مفيدا بشكل خاص.

فقد أظهرت تجربة صغيرة شملت 15 شخصا مصابا بمرض الزهايمر الخفيف إلى المتوسط، والذين مارسوا المشي النوردي (وهي تقنية مشي محسنة تستخدم العصي لتمرين الجزء العلوي من الجسم بالإضافة إلى الساقين)، الحفاظ على وظائف الدماغ على مدار 24 أسبوعا، بل وتحسن بعض الوظائف.

أما الأشخاص الـ 15 الذين تلقوا الرعاية القياسية فقط فقد أظهروا تدهورا أو عدم تحسن. على الرغم من صغر حجم التجربة، إلا أنها تشير إلى أن حتى الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض الزهايمر قد يستفيدون من زيادة النشاط البدني، بما في ذلك المشي السريع.

استنشاق الهواء النقي
قد يكون الخروج إلى الهواء الطلق، وخاصة في الطبيعة، مفيدا بشكل خاص للوقاية من الخرف - ربما لأنه يحسن المزاج والنوم ويقلل من العزلة - وكلها عوامل خطر للإصابة بالخرف. قد يؤدي الجمع بين الحركة البدنية والتعرض للضوء الطبيعي والتفاعل الاجتماعي أثناء المشي في الهواء الطلق إلى تأثيرات وقائية متعددة تكمل بعضها البعض.

اظهار أخبار متعلقة


يتمثل التحدي الآن في مساعدة الناس على التغلب على عوائق ممارسة النشاط في الهواء الطلق، مثل المخاوف المتعلقة بالسلامة، والخوف من السقوط، أو ببساطة تفضيل راحة الأريكة - خاصة خلال الأشهر الأكثر رطوبة وبرودة. لكن الأدلة تشير إلى أن بضع دقائق فقط من المشي يمكن أن تحدث فرقا، وأن الأهداف المتواضعة والقابلة للتحقيق - نزهة لمدة نصف ساعة بدلا من نظام تدريب ماراثون - قد توفر حماية كبيرة ضد التدهور المعرفي.
التعليقات (0)