تتزايد الأدلة الميدانية التي تؤكد تورط أطراف إقليمية ودولية في دعم قوات
الدعم السريع بالسودان، رغم النفي المتكرر لهذه الاتهامات من قبل
الإمارات وقوات اللواء المتقاعد، خليفة
حفتر.
وكشفت صحيفة
التلغراف عن تجنيد مئات المرتزقة الكولومبيين، الذين خُدعوا بعقود عمل وهمية في الإمارات زعمت توظيفهم في منشآت نفطية، قبل أن يتم نقلهم إلى ليبيا ومن ثم إلى دارفور.
وقالت "التلغراف" إن جثث ما لا يقل عن 20 مرتزقًا كولومبيًا، متروكة في ثلاجات، دون أن يطالب بها أحد في مشرحة سودانية على بُعد أكثر من 6000 ميل من ديارهم. وربما كان بعض هؤلاء الذين بقوا هناك لأشهر يدركون مخاطر ما يُقحمون فيه، لكن آخرين ظنوا أنهم تطوعوا بأمان للقيام بأعمال أمنية روتينية.
"في الخطوط الأمامية"
بدلاً من ذلك، وجد هؤلاء الرجال، الذين بالكاد تجاوزوا سن المراهقة، أنفسهم مُجندين كجنود في الخطوط الأمامية لواحد من أكثر الصراعات وحشية في العالم. يقول أحد رفاقهم، وهو كولومبي يُعرّف نفسه باسم خوان، للصحيفة من معسكر عسكري خارج نيالا، في إقليم دارفور
السوداني: "لقد أبقوهم في حالة تجميد".
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت تقارير عن كولومبيين يقاتلون ويموتون مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية، حول مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور. وتُظهر مقاطع فيديو رجالاً شاحبي البشرة يتحدثون الإسبانية، ويشاركون في قتال شوارع عنيف في بلدات صحراوية، أو يُدربون عناصر ميليشيات محلية.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف وجود مئات المرتزقة من أمريكا الجنوبية في صحراء السودان عنصراً دولياً غير متوقع إلى حرب كانت بالفعل ساحة مفتوحة مفتوحة للجهات الأجنبية، لكن وجودهم سلّط الضوء أيضاً على عصر جديد مزدهر للمرتزقة، مع تراجع التحفّظ على استخدام مثل هذه القوات، وتزايد الخيارات المتاحة لمن يبحثون عن أسلحة للإيجار.
يقول خوان إنه واحد من بين 300 جندي كولومبي سابق على الأقل جُرّوا إلى كارثة السودان. ويضيف أن الكثيرين خُدعوا بوعود وظائف أمنية خاصة في الإمارات العربية المتحدة.
التقارير أكدت تورط شركات أمنية إماراتية، مثل GSSG وA4SI، في هذه العمليات، حيث تم تجنيد المرتزقة تحت غطاء "خدمات حماية"، لكنهم أرسلوا للقتال مع قوات الدعم السريع. قدّرت الحكومة السودانية وجود 350-380 مرتزقًا كولومبيًا، وأظهرت وثائق قدمتها لمجلس الأمن تفاصيل نقلهم عبر ليبيا وتشاد تحت إشراف قوات موالية لحفتر.
إضافة إلى ذلك، كشف مركز المرونة المعلوماتية في لندن عن وجود معسكر عسكري تابع لقوات الدعم السريع داخل ليبيا، ما يعكس استمرار استخدام ليبيا كمسار إمداد رئيسي. وأثبتت صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو نقل أسلحة ومعدات عسكرية من ليبيا إلى السودان، واستُخدمت في هجمات مثل الهجوم على مخيم زمزم للنازحين بدارفور.
واتهم الجيش السوداني حفتر والإمارات بتقديم دعم عسكري مباشر لقوات الدعم السريع، بما في ذلك تزويدها بطائرات مسيرة ومركبات عسكرية. وأفاد تقرير للأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع اشترت أسلحة وسيارات عبر الحدود الليبية. في ضوء هذه التدخلات، طالب السودان بتصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الحرب العدوانية.
اظهار أخبار متعلقة
عروض مغرية وواقع مأساوي
كان العرض الذي إلى "خوان" ومجموعة من رفاقه جذابا، عقد براتب شهري يبلغ حوالي 1900 جنيه إسترليني (2600 دولار أمريكي) معفى من الضرائب، وتكاليف تذاكر طيران مدفوعة.
قال خوان، الذي أُجبر على توقيع اتفاقية عدم إفصاح قبل وصوله إلى أبوظبي مع حوالي 60 آخرين في آذار/ مارس : "يقولون لك إنك ستحمي مواقع نفطية وفنادق".
أضاف : "يعلم البعض أنهم متجهون إلى السودان، لكنني لم أكن أعرف. لا أعتقد أن معظمنا كان يعلم، بعد يوم في أبوظبي، تم جمع هواتف وجوازات سفر المجندين لأسباب أمنية".
أُبلغ خوان أنه سيُرسل إلى ليبيا في دورة تدريبية. بعد وصوله إلى بنغازي، نُقل هو وزملاؤه المجندون عبر الصحراء إلى السودان وأراضي قوات الدعم السريع في دارفور.
وليس هذا هو الطريق الوحيد، إذ يمر آخرون عبر مدينة بوساسو الصومالية، وفقًا لخوان، لكن الوجهة دائمًا واحدة - مدينة نيالا ومجموعة من معسكرات تدريب قوات الدعم السريع.
تُتهم الإمارات العربية المتحدة على نطاق واسع بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والمال لمعارضة ما تعتبره تيارًا إسلاميًا خطيرًا داخل جيش الفريق برهان، لكن أبو ظبي تنفي بشدة دعمها لقوات الدعم السريع.