نشرت صحيفة "
لاكروا" الفرنسية، تقريرا، يسلط الضوء على الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع
السودانية، على مدينة
الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مؤكدة أنّ: "الميليشيات التي تحاصر المدينة شرعت بتشييد جدار ترابي يطوّقها بالكامل".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه: "مع اشتداد القصف وقطع طرق الإمداد ونهب المساعدات، يواجه مئات الآلاف من المدنيين خطر المجاعة والموت، بينما تحوّلت سبل النجاة إلى رحلة محفوفة بالابتزاز والمخاطر".
وحسب ما أوردته صحيفة "ذا كونتيننت" المتخصصة في الشؤون الأفريقية، في عددها الصادر السبت 30 آب/ أغسطس، فإنّ: "تكلفة مغادرة مدينة الفاشر التي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ 500 يوم، تُقدّر بنحو 250 يورو، أي ما يعادل 600 ألف جنيه سوداني في السوق السوداء".
وتسعى قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2024 إلى السيطرة على الفاشر التي تُعد آخر معاقل
الجيش السوداني في دارفور. وتتحكم الميليشيات التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو بجميع منافذ الخروج، بما فيها الطريق المؤدي إلى مدينة طويلة الواقعة على بُعد نحو 60 كيلومتراً غرباً، والتي تعد آخر ملاذ ممكن للمدنيين.
غير أن هذا الطريق بات يُعرف بـ"طريق الموت"، نظراً للمخاطر التي تحدق بالمدنيين الراغبين في الفرار عبره، حيث تنتشر نقاط التفتيش التي تشهد عمليات قتل على أساس عرقي.
مجاعة ممنهجة
ذكرت الصحيفة أنّ: "الخيار الوحيد أمام المدنيين يتمثل في دفع مبالغ مالية لقاء السماح لهم بالمغادرة". فيما تنقل "ذا كونتيننت" عن حكمة، وهي أم سودانية من سكان المنطقة قولها: "يراقب المسلحون الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة طويلة، ونُجبر على دفع رسوم مرور باهظة".
اضطرت حكمة، التي فرّت مع أطفالها الأربعة، إلى دفع مليون وخمسمئة ألف جنيه سوداني، أي ما يقارب 700 يورو، استقر الجزء الأكبر منها في جيوب قوات الدعم السريع.
وحسب
الصحيفة، فإنّ: "هذا المبلغ يعتبر ضخماً في بلد يُصنَّف بين الأفقر عالمياً، ويغرق منذ نحو عامين ونصف في أتون حرب أهلية مدمرة".
أما من يعجزون عن دفع تكاليف الخروج، فلا يبقى أمامهم سوى التوجه إلى أحد المخيمات المجاورة، مثل مخيم أبو شوك، الذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة من مياه صالحة للشرب وغذاء، ويتعرض بين حين وآخر لهجمات من قوات الدعم السريع، أو البقاء داخل المدينة المحاصَرة التي وصفتها منظمة اليونيسف، الأسبوع الماضي، بأنها "بؤرة للمعاناة".
وحسب منظمة "فكرة" السودانية، فإنّ: "نحو 750 ألف مدني ما زالوا عالقين في الفاشر، مقابل نحو مليوني نسمة قبل اندلاع الحرب، وباتوا يخضعون للتجويع بشكل ممنهج".
"على غرار ما يحدث في مناطق أخرى، تعمل قوات الدعم السريع على قطع طرق الإمداد وإغلاق الأسواق ونهب المساعدات، ما جعل إدخال المواد الغذائية أكثر صعوبة"، وفقا للصحيفة نفسها.
وأضاف التقرير أنه: "في ظل نضوب الموارد، بدأت المطابخ المجتمعية -مطاعم خيرية ممولة من الجاليات السودانية في الخارج- تتوقف عن العمل، واضطر بعض السكان إلى أكل "الأمباز"، وهو علف مخصص للمواشي".
اظهار أخبار متعلقة
حواجز ترابية
أشارت
الصحيفة إلى أنه: "رغم القصف اليومي والجوع، ما زالت مدينة الفاشر صامدة في وجه الميليشيات"، فيما كشف "مختبر الأبحاث الإنسانية" التابع لجامعة ييل الأمريكية أنّ: "قوات الدعم السريع بدأت منذ أيار/ مايو الماضي بتشييد جدار ترابي يطوق المدينة ويحوّلها إلى فخ للسكان".
ووفقا لصور الأقمار الصناعية التي جرى تحليلها، أنشأت قوات الدعم السريع حتى الآن نحو 31 كيلومتراً من الحواجز الترابية في الجهتين الشمالية الغربية والشرقية من المدينة، بينها 9 كيلومترات شُيّدت في شهر آب/ أغسطس.
وحسب "مختبر الأبحاث الإنسانية"، تُشكّل هذه الحواجز حدوداً تهدف إلى عرقلة وصول المواد الغذائية والأدوية ومنع المدنيين من مغادرة الفاشر، وحتى ولو حاول السكان تسلق هذه الحواجز بدافع اليأس فإن قوات الدعم السريع تطلق عليهم النار.