علوم وتكنولوجيا

هارفارد تجد طريقة لإعادة تدوير الشعر دون استخدام مواد كيميائية ضارة

طريقة جديدة ومستدامة لتفكيك الكيراتين وتحويل الصوف والريش المتبقي لمنتجات- هارفارد
طريقة جديدة ومستدامة لتفكيك الكيراتين وتحويل الصوف والريش المتبقي لمنتجات- هارفارد
نشرت مجلة Nature Communications، دراسة علمية حديثة، جاء فيها أنّ: "عمليات تصنيع المنسوجات واللحوم، تُنتج سنويا، مليارات الأطنان من الريش والصوف والشعر. هذه المواد غنية بالكيراتين، وهو بروتين ليفي قوي موجود في الشعر والجلد والأظافر".

وحدّد الباحثون في كلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة هارفارد (SEAS)، خلال الدراسة نفسها، ما وصفوه بـ"كيمياء أساسية تفسّر كيفية تحلل بروتينات، مثل الكيراتين، عند وجود مركبات ملحية معينة. قد تُسهم هذه الرؤية في دفع عملية إعادة تدوير البروتينات قدما بشكل هادف".

وأبرزوا أنّ: "تحويل هذه النفايات الحيوانية إلى سلع مفيدة، من ضمادات الجروح والمنسوجات الصديقة للبيئة إلى المستخلصات الصحية، يمكن أن يُفيد البيئة ويُساعد في بناء صناعات مستدامة جديدة".

"أما العقبة فتتمثل في إعادة تدوير البروتين: إذ يعتمد تفكيك البروتينات إلى مكوناتها عادة على مواد كيميائية أكالة تُستخدم في منشآت كبيرة مُلوِّثة، مما يُعيق الوصول إلى عملية اقتصادية" بحسب تقرير في موقع سايتك ديلي لكلية جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة هارفارد.


وفي السياق نفسه، قام فريق بقيادة كيت باركر، أستاذ الهندسة الحيوية والفيزياء التطبيقية في كلية SEAS، بدمج التجارب المعملية مع عمليات المحاكاة الجزيئية لتوضيح كيفية تحفيز الأملاح لتحلل البروتينات. 

ووجد الفريق أنّ: "بروميد الليثيوم المركز، وهو ملح معروف بقدرته على تحليل الكيراتين، يعمل بطريقة مثيرة للدهشة. فبدلا من الارتباط المباشر بالبروتينات، كما هو معروف، فإنه يُغير بنية جزيئات الماء المجاورة، مما يُهيئ ظروفا تُشجع على التحلل التلقائي".

إلى ذلك، سمحت هذه الرؤية للباحثين بتصميم عملية استخلاص كيراتين أكثر لطفا واستدامة، تفصل البروتين من المحلول بسهولة ودون الحاجة إلى مواد كيميائية قاسية. كما يُمكن عكس العملية باستخدام نفس خليط الملح، مما يُتيح استعادة مُزيلات بروميد الليثيوم وإعادة استخدامها.

وصرح الباحث الرئيسي، ييتشونغ وانغ، وهو طالب دراسات عليا في الكيمياء ويعمل في مجموعة باركر، بأن البحث يرتكز على اهتمام المختبر الراسخ بتطوير مواد كيراتين حيوية ذات ذاكرة شكلية للتطبيقات الطبية الحيوية. 

وأورد أنّهم: "لاحظوا سابقا أن الكيراتين المستخرج من مذيبات بروميد الليثيوم يمكن أن يُشكل هلاميات سميكة وقابلة للتشكيل، تنفصل بسهولة عن المحلول المحيط وتتصلب فورا تقريبا عند إعادتها إلى الماء. ورغم فائدة هذا السلوك، إلا أنهم وجدوه غريبا، وأرادوا فهمه بشكل أفضل".

قال وانغ: "اعتقدنا أنه قد تكون هناك فجوة بين الفهم الآلي الحالي لكيفية عمل عملية تحول البروتينات، وما كنا نراه. عندها أصبحنا مهتمين جدا بالآلية نفسها لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تحسين إجراءات الاستخلاص لدينا من خلال شرح هذه الظاهرة بشكل أفضل".

تجدر الإشارة إلى أنّ: "الديناميكيات الجزيئية عن تحولات في المياه المحيطة". فيما لجأ الفريق إلى مختبر البروفيسور يوجين شاخنوفيتش في قسم الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية، المتخصص في الفيزياء الحيوية للبروتينات؛ وأتاحت لهم عمليات محاكاة الديناميكيات الجزيئية التي قادها الباحث المشارك جونلانغ ليو، ملاحظة أن بروميدات الليثيوم لا تؤثر على البروتينات إطلاقا، بل على المياه المحيطة بها.

وبحسب الدراسة: "اتضح أن أيونات بروميد الليثيوم تتسبب في تحول جزيئات الماء إلى مجموعتين مختلفتين: الماء العادي، وجزيئات الماء التي تُحاصرها أيونات الملح. مع انخفاض حجم الماء العادي، تبدأ البروتينات في التفكك بسبب التحول الديناميكي الحراري في البيئة، بدلا من التفكك المباشر كما هو الحال في طرق تحول البروتينات الأخرى". 

اظهار أخبار متعلقة


وأبرز وانغ: "إن جعل الماء أقل شبها بالماء، يسمح للبروتين بالتفكك". وتوصلوا إلى نتائج مماثلة من خلال اختبار بروتينات أبسط مثل الفيبرونيكتين، ما يشير إلى آلية عالمية.

وتابع: "إن فهم وتصميم طرق استخلاص البروتين بشكل أفضل، بحيث تكون أقل استهلاكا للطاقة وأقل تلويثا للبيئة من الطرق التقليدية، يفتح آفاقا واعدة لصناعات إعادة تدوير البروتين".

وفي مختبر باركر، يُعد استخدام الكيراتين كركيزة لهندسة الأنسجة محورا بحثيا رئيسيا؛ ومن شأن وجود طريقة موثوقة ومستدامة لاستخراج هذه المنتجات وإعادة استخدامها أن يعزز جهودهم.

علاوة على ذلك، يمكن أن تمهد هذه العملية الطريق لصناعة جديدة كليا للمواد الحيوية، بتحويل كميات هائلة من النفايات، مثل الشعر أو ريش الدجاج، إلى مواد مُعاد تدويرها بتكلفة منخفضة، ربما كبديل للبلاستيك التقليدي، على سبيل المثال.
التعليقات (0)