ملفات وتقارير

عراقيون قاتلوا لصالح روسيا يناشدون لإعادتهم.. وأوكرانيا تنفي دعم مسلحين بالسليمانية

وكالة "آر بي سي" تكشف عن وجود مقاتلين عراقيين يقاتلون لصالح روسيا في أوكرانيا - أكس
وكالة "آر بي سي" تكشف عن وجود مقاتلين عراقيين يقاتلون لصالح روسيا في أوكرانيا - أكس
ناشد عراقيون قاتلوا في الحرب الروسية الأوكرانية لصالح موسكو، بإعادتهم إلى بلدهم، بعدما زجوا بأنفسهم في الحرب المستعرة منذ مطلع العام 2022.
 
في ذات السياق، لم تمضي أيام منذ أن عاد الاستقرار النسبي لمحافظة السليمانية شمالي العراق، بعد أن شهدت اشتباكات مسلحة وقعت فجر يوم الـ22 آب/اغسطس 2025، بين قوات الأمن الكردية الـ"آسايش", وعناصر حماية رئيس حزب "جبهة الشعب" لاهور شيخ جنكي، إثر صدور مذكرة قضائية باعتقاله، لتنتهي المواجهات والقتال الذي استمر عدة ساعات باقتحام مقره والقبض عليه وشقيقه وعشرات من أفراد قوة "العقرب" التابعة له، في فندق "لالزار" بحي سرجنار، وسط المدينة، ومقتل أربعة أفراد من قوات الأمن.


بعد انتهاء المعركة التي شاركت فيها نحو 150 عجلة عسكرية متنوعة بينها الدبابات، وتسببت في إثارة الرعب لسكان المدينة وآلاف السياح العرب المتواجدين فيها، قال سلام عبد الخالق، المتحدث باسم قوات الأمن الآسايش في السليمانية، أن لاهور طالباني وموالين له كانوا يخططون لاغتيال بافل طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني - نجل الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني-، وشخصيات أخرى، فيما صرح القاضي صلاح حسن، المتحدث باسم محكمة السليمانية، بأن مذكرة القبض على لاهور، صدرت وفقاً للمادة 56 من قانون العقوبات العراقي، والتي تتعلق بتجمّع مجموعة من الأشخاص واتفاقهم على ارتكاب عدة جرائم في السليمانية.


الأحداث لم تنتهي وفق رواية أن ما جرى هو "إجراء قضائي"، وعلى الجميع القبول بفرض سيادة القانون، حيث كشفت اعترافات مجموعة قال جهاز أمن إقليم كردستان إنها تابعة لـ"لاهور شيخ جنكي"، وجود صراع في السرديات الإعلامية المرتبطة بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ومحاولة أطراف بعينها توسعة دائرة الأزمة إقليميا، وزج العراق ضمن محور لربما يتهدد باستخدام أراضيه كساحة لتصفية حسابات خارجية، وفق محللين سياسيين.

اظهار أخبار متعلقة


جهاز الـ"آسايش"، الذي يديره حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بث مقطع فيديو يظهر فيه ستة حراس قالوا إنهم تلقوا "تدريبًا على استخدام الطائرات المسيرة في أوكرانيا"، وحصلوا "على نحو 15 إلى 20 مسيرة من النوع ذاته الذي كان سيُستخدم في اغتيال بافل طالباني وفق أومر صدرت لهم من لاهور طالباني، وأضاف أحدهم أن الخطة كانت تقضي باستخدام عدد من الطائرات الأوكرانية والتي يبلغ مداهما أكثر من 300 كيلومترن لمهاجمة أهداف في السليمانية وأربيل.


على إثر ذلك، أصدرت السفارة الأوكرانية في بغداد، بيانًا ينفي "بشكل قاطع التقارير الكاذبة التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام" حول تورط أوكرانيا في أنشطة تدريب مسلحين أو تصنيع طائرات مسيرة للاستخدام غير القانوني في العراق.



وأكدت السفارة في بيانها، أنّ "أوكرانيا لم تقم مطلقًا، ولا تقوم بأي أنشطة تتعلق بتدريب مسلحين أو تصنيع طائرات مسيرة للاستخدام غير القانوني خارج أراضيها"، واصفة هذه الادعاءات بأنها معلومات مضللة بشكل صارخ ولا تستند إلى أي أساس من الحقائق.

ومع صعوبة التمكن من التحقق بشأن صحة المعلومات بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي تمنع التواصل مع أعضاء حزب جبهة الشعب وحتى فريق المحامين المدافعين عن لاهور، أشار بعض المراقبين إلى ما نشره رئيس مرصد الحريات الصحفية والمدير السابق لقناة "إن آر تي" عربية زياد العجيلي على صفحته في الفيس بوك بعد أحداث السليمانية بنحو يومين، وجاء فيه:" يوم 19 آب/أ

غسطس، عثرت قوات الآسايش على مسيّرات انتحارية داخل شاحنة نقل في أحد أحياء السليمانية، وخلال التحقيق مع طاقم الشاحنة ، اعترفوا بأن المسيّرات عائدة لبولاد، شقيق لاهور شيخ جنكي، ووفق ذلك أصدرت السلطات القضائية في السليمانية مذكرات القبض بحق كل من "لاهور شيخ جنكي، بولاد شيخ جنكي، ريبوار حامد حاجي".

ومع انتظار مزيد من التفاصيل التي قد يَكشف عنها جهاز الأمن في السليمانية، تبقى عدة أسئلة معلقة بشأن الاتهام الصريح لكييف حليفة أوروبا وأمريكا في التدخل بالشؤون الداخلية للعراق، وتداعياتها على بغداد وفقًا لمدى صحتها، فيما عبر مراقبون عن استغرابهم، مشيرين إلى أن مثل هكذا ملفات من المفترض مناقشتها ضمن دوائر دبلوماسية ضيقة، مؤكدين أن اللجوء للإعلان يحدث عادة حين يرغب طرف ما للتوجه نحو التصعيد أو عقب فشل المحادثات خلف الكواليس.

وعلى الطرف الأخر من الجبهة، تفجّرت مجددا قضية مشاركة عراقيين للقتال إلى جانب روسيا، بعد انتشار مقاطع فيديو على منصات التواصل تُظهر شبانًا عراقيين وهم يرتدون الزي العسكري الروسي داخل الأراضي الأوكرانية، فيما نفى الناطق العسكري باسم القائد للقوات المسلحة العراقية، صباح النعمان، امتلاك الحكومة ما يؤكد هذه المعلومات، لافتا إلى أن كل ما لديها هو مجرد صور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي.


وفي نيسان/أبريل الماضي، نشرت وكالة "آر بي سي" الأوكرانية، تقريرا أكدت فيه وجود جنود مرتزقة من نحو 50 دولة يقاتلون لصالح روسيا في أوكرانيا من بينها العراق، ولفت التقرير إلى أن موسكو جندت خلال شهر أيار/مايو 2024 فقط، أكثر من 1500 أجنبي في جيشها.

بدوره، تحدث النائب في البرلمان العراقي عامر عبد الجبار في آب/أغسطس عام 2024، عن وجود عراقيين جندتهم وزارة الدفاع الروسية في حربها مع أوكرانيا، وأن الكثير منهم يطلب المساعدة لتسهب عودته إلى العراق.



من جهته، قال النائب تركي العتبي، إن دعوات التجنيد لصالح روسيا قد تصل العراق، وهو ما قد يزج بالبلاد ضمن دوامة أزمة دولية، سينعكس مداها في كل المجالات، ومنها الأمنية والاقتصادية، محذرا من استخدام الشباب العراقي كوقود حرب لدعم طرف على آخر.


وفي آذار/مارس 2022، أعلنت القنصلية العامة لروسيا الاتحادية في محافظة البصرة جنوب العراق عن استمرارها بتلقي طلبات من مواطنين عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي للمشاركة في القتال في أوكرانيا مقابل رواتب تصل لنحو ألفي دولار.

اظهار أخبار متعلقة


وتأتي قضية وجود عراقيين يقاتلون بجانب روسيا، في وقت يبذل فيه حلف الناتو جهده لتغيير بوصلة المعارك لصالح كييف، كما تتصاعد المخاوف من تداعيات ثبوت تورط قوى عراقية مقربة من طهران، في تسهيل انتقال المقاتلين إلى روسيا، خاصة وأن صحيفة الغارديان البريطانية كشفت في نيسان/أبريل عام 2022، تلقي موسكو شحنات من الذخائر العسكرية مصدرها من العراق، قال باحثون في معهد كارنيجي للدراسات، إن إيران لربما سهلت تهريبها عبر فصائل في الحشد الشعبي الذي تعده جزءا من محورها في المنطقة، وهو حراك يأتي ضمن مساعي طهران لضمان عدم فقدان موسكو زخمها في الصراع. 

وفي المحصلة، فأن جملة تطورات الأحداث ومحاولات زج العراق في لعبة المحاور والقتال بالوكالة، لن تخدم في النهاية بلد وضع اسمه ضمن مقترح قانون أمام الكونغرس الأمريكي، يحمل عنوان "تحرير العراق من نفوذ إيران"، قدمه الجمهوري جو ويلسون.
التعليقات (0)