مع تصاعد درجات
الحرارة حول العالم، إلى مستويات غير مسبوقة، بات الحر الشديد، أحد أكثر الأسباب
البارزة في جداول الوفيات المتصاعدة حول العالم.
وتثير الوفاة بفعل
الحر الشديد، تساؤلات حول كيفية حدوثها، والإحصائيات بشأن ترتيبها بين أكثر أسباب
الوفاة في العالم، وكيف نحمي أنفسها من التعرض للإجهاد الحراري وضربات الشمس
القاتلة.
قاتل صامت
الوفاة جراء الحر
الشديد، لا تحدث، مثل أسباب أخرى معروفة كحوادث السير أو الموت حرقا، بسبب أن
الحرارة الشديدة، تدمر الجسم من الداخل بصورة بطيئة تفضي إلى وفاته.
ويتسبب الحر الشديد في
تعرض الإنسان إلى
ضربة الشمس والإجهاد الحراري، اللذان يتحولان إلى قاتل صامت خلال
ساعات، في حال لم يجر تدخل سريع ينقذ أعضاء الجسم.
اظهار أخبار متعلقة
وتحصل ضربة الشمس، جراء
التعرض لحرارة الطقس المرتفعة، لفترة طويلة، أو ممارسة نشاط بدني مجهد وعنيف في
أجواء حارة، بعد زيادة حرارة الجسم الداخلية إلى أكثر من 40 درجة مؤوية، وعدم قدرة
الجسم على
تبريد نفسه بالآلية الطبيعية التي خلق عليها.
ويلجأ جسم الإنسان،
إلى تبريد نفسه، عبر التعرق وتوسيع الأوعية الدموية، من أجل تنظيم حرارته وإبقائها
ضمن المعدل الطبيعي، لكن الآلية تنهار مع درجات الحرارة العالية في الجو، والرطوبة
المرتفعة، وهو ما يقود إلى ضرر في أعضاء الجسم الداخلية وخاصة الدماغ والكلى والعضلات.
ما الذي يحدث للجسم؟
تتسبب ضربة الشمس في
تشجنات عضلية وإعياء عام، وتعرق شديد، وغثيان ودوار، وإذا لم يجر تدارك الأمر،
يمتد التلف إلى فشل متعدد للأعضاء في الجسم، تقود إلى الوفاة مباشرة.
وفي حال تأخر التدخل
الطبي أو تلقي الشخص المصاب بضربة الشمس للمساعدة، عبر تبريد جسمه ومده بالسوائل
ونقله إلى مكان أقل حرارة، قد يفقد الوعي بشكل تام، ويدخل في غيبوبة تنتهي
بالوفاة.
فئات عليها الحذر
منظمة الصحة العالمية،
تحذر من أن فئات من البشر، أكثر عرضة من الأخرى، للوفاة بفعل موجات الحر الشديدة،
رغم الضرر الذي تسببه للجميع.
ويعد كبار السن
والحوامل، والأطفال، من أبرز الفئات المعرضة للخطر الشديد نتيجة الارتفاع الكبير
في درجات الحرارة، بسبب مناعتهم الضعيفة.
كما أن الأشخاص الذين
يتناولون أدوية معينة، مثل مدرات البول ومضادات الاكتئاب، يصبحون أكثر عرضة
لتأثيرات الحرارة المفرطة.
كما أن بعض الفئات العمالية، مثل المزارعين،
وعمال الطرق ومن يتواجدون بصورة دائمة تحت الشمس في مهنهم، وبعض الرياضيين، من
أكثر المعرضين للإصابة بضربات الشمس والأضرار نتيجة الحر.
قاتل يفوق الحروب
تعتبر موجة الحرارة
الشديدة التي ضربت أوروبا، في صيف عام 2003، من أكثر كوارث المناخ المسجلة، وقدر
عدد ضحاياها أكثر من 70 ألف إنسان في عموم أوروبا.
ووفقا لمنظمة الصحة
العالمية، تشير التقديرات إلى أنه على مستوى العالم، حدث ما يقرب من 489 ألف حالة
وفاة مرتبطة بالحرارة سنويا بين عامي 2000 و2019، حيث تمثل المنطقة الأوروبية 36
في المائة أي أكثر من 175 ألف حالة وفاة، في المتوسط، كل عام.
وفي عام 2022، لقي
أكثر من 61 ألف شخص، حفتهم في أوروبا، بسبب موجة حر شديدة.
وفي الهند، تقول سجلات
المكتب الوطني لسجلات الأمراض، إن المئات يفقدون حياتهم كل عام، نتيجة الحر
الشديد، لكن الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك، بسبب أن العديد من الولايات تفشل في
الإبلاغ عن أعداد الوفيات التي تقع ضمن دائرتها نتيجة الحر الشديد.
كيف تحمي نفسك من
ضربات الشمس؟
بحسب منظمة الصحة
العالمية، فإن أبرز وأهم وسيلة للحماية من ضربات الشمس والإجهاد الحراري، هو تجنب
الخروج في أوقات الظهيرة أو التعرض لحرارة الشمس مباشرة.
كما تشدد على شرب
كميات كافية من
الماء، حتى دون الإحساس بالعكش، لإبقاء الجسم رطبا، لمساعدته في
دوام آلية التعرق والتبريد الذاتي الدخلي لحماية أعضائه.
اظهار أخبار متعلقة
ومن أبرز عوامل
الوقاية، الابتعاد في الحر الشديد عن النشاطات البدنية الشاقة في الشمس، وارتداء
ملابس خفيفة وذات ألوان فاتحة وفضفاضة تساعد على تهوية الجسم.
إضافة إلى الاستحمام
بالماء البارد، ووضع مناشف مبللة على الرقة والرسغين، والبقاء إماكن مظللة،
ومراقبة الأطفال والاهتمام بتبريد أجسادهم بشكل جيد خاصة منحهم السوائل بصورة
دائمة.