رغم صغر مساحتها وعدد سكانها القليل إلا
أنها حاضرة بقوة في وسائل الإعلام، وينقل عن مطلعين على أوضاع هذه
القرية أن
غالبية سكانها تعرضوا للاعتقال.
"النبي صالح"، قرية تقع قرب مدينة
رام الله بالضفة الغربية، وتبعد عنها حوالي 20 كم إلى الشمال الغربي، وتحيط بها
أراضي قرى: كفر عين، دير السودان، بيت ريما، دير نظام، وأم الصفا، وترتفع عن سطح
البحر بـ570 مترا.
تبلغ مساحة أراضيها 2846 دونما، وقدر عدد
سكانها عام 1922 بحوالي 105 نسمة، وفي عام 1945 بلغ عددهم نحو 170 نسمة، وفي عام
1967 وصل إلى 179 نسمة، وفي عام 1996 بلغ العدد 218 نسمة، وفي عام 2015 ناهز قرابة
ألف نسمة.
معظم سكان القرية من عائلة التميمي التي
يعود أصلها إلى مدينة الخليل، ويقال إنهم قدموا من الخليل ليسكنوا في النبي صالح
ودير نظام ومناطق مختلفة، بسبب خصوبة أرضها وموقعها الجميل وأراضيها الزراعية
وزيتونها النقي.
أنقاض أبنية وحجارة منحلة لا تزال شاهدة على تاريخ القرية..
تنسب القرية إلى النبي صالح أحد الأنبياء
العرب الخمسة الذين ذكرهم القرآن الكريم. وهناك العديد من الأماكن في
فلسطين تحمل
نفس الاسم، وجاء ذلك تخليدا لذكرى نزوح النبي صالح إلى فلسطين ووفاته فيها، ويقال إن ضريحه موجود في منطقة الرملة في مكان يحمل اسمه.
تاريخ القرية ضارب في القدم فقد تم العثور
على قطع فخارية من العصر الروماني والبيزنطي.
وتم العثور على قطع فخارية من العصر
العثماني المبكر، وفي سجل الضرائب العثماني لعام 1596، ظهرت القرية باسم "دير
صالح" على أنها تقع في ناحية القدس في لواء القدس. وكان سكانها يدفعون معدل
ضريبة ثابت بنسبة 33.3٪ على المنتجات الزراعية، بما في ذلك القمح والشعير
والمحاصيل الصيفية، بالإضافة إلى الإيرادات العرضية بإجمالي 550 آقجة (العملة
السائدة في الدولة العثمانية).
ويحيط بالقرية مجموعة من الخرب الأثرية،
وتحتوي على أنقاض أبنية وحجارة منحلة.
كما تم الاعتراف بموقع غابات في محيط قريتي
النبي صالح وأم صفا كمنطقة مهمة للطيور من قبل منظمة "حياة الطيور
الدولية"، وتوجد سلسلة من خمسة ينابيع طبيعية في وادي الراية تمتد بين النبي
صالح وقرية دير نظام المجاورة.
وطنيا، فقد شارك عدد من الثوار من قرية
النبي صالح في الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936 إلى جانب الثوار الفلسطينيين
في عدد من المعارك في مواجهة قوات الانتداب البريطاني وعصابات
"الهاجاناة" و"الأرجون" الإرهابية، وقد أصيب واستشهد عدد منهم
في تلك الثورة.
وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب
حزيران /يونيو عام 1967.
وبرزت قرية النبي صالح بشكل كبير في
الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987 حيث شاركت في صياغة البيان الأول
للانتفاضة، وشارك أبناء القرية بشكل فعال في قيادتها، حيث كان الدكتور سمير شحادة
التميمي أحد رجالات القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى وتعرض للاعتقال على إثر ذلك.
وشاركت القرية بفاعلية في أحداث الانتفاضة
الثانية التي اندلعت إثر دخول رئيس وزراء الاحتلال أرييل شارون إلى المسجد الأقصى،
وشكلت نقطة احتكاك دائم لمواجهات متصاعدة أصيب خلالها المئات وتعرضت إلى حملات
مستمرة من الاعتقالات والمداهمات والتهديدات العسكرية.
وتتصدر النبي صالح، البلدات الفلسطينية
المناهضة للجدار والاستيطان، إذ يخرج أهلها كل جمعة في مسيرات جماهيرية للمطالبة
بإزالة مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضيهم.
وتواجه قرية النبي صالح الاستيطان منذ عام
1976 عندما تم إنشاء مستوطنة "حلميش" في معسكر قديم كان مقاما بالقرب من
القرية، حيث بدأ الاحتلال توسيع المعسكر وجلب مئات المستوطنين من مختلف أنحاء
العالم وإعادة تسكينهم في بيوت تم بناؤها على أراضي أهالي القرية بالإضافة إلى
القرى المجاورة الأخرى.
وشهدت القرية مقاومة شعبية عام 2009، حين
قام المستوطنون باحتلال نبع للمياه يسد جزءا من حاجة القرية، بحماية وحراسة قوات
كبيرة من جيش الاحتلال.
واشتهرت عهد التميمي إثر الحادثة الشهيرة
التي قامت خلالها بصفع جندي إسرائيلي، حيث تم لاحقا محاكمتها مع والدتها لفترة
ثمانية أشهر وغرامة مالية.
وأيضا بعد بث فيديو يظهر قيام جندي إسرائيلي
بمحاولة خنق واعتقال الطفل محمد التميمي، شقيق عهد، ونجاح نسوة القرية في تحرير
الطفل من بين يديه.
مواجهة عهد التميمي لجندي إسرائيلي يحاول اعتقال شقيقها
وتعتمد قرية النبي صالح بشكل كبير على
الجانب الزراعي، حيث تحتوي معظم أراضيها على أعداد كبيرة من أشجار الزيتون
بالإضافة إلى المزروعات الأخرى، ولكنها تأثرت بشكل كبير بفعل سيطرة جيش الاحتلال
على عين الماء الرئيسية في القرية، بالإضافة إلى السيطرة بشكل جزئي على المناطق
الحرجية المحاذية والمناطق السهلية التي كان يتم زراعتها في السابق.
ويقيم جيش الاحتلال بوابتين على مدخل القرية
يغلق إحداهما ويقيم عليها برجا عسكريا أصبح باستمرار وجهة للمسيرة الراجلة أسبوعيا.
ويشكو أهالي قرية النبي صالح من الإغلاقات،
والاعتقالات والاقتحامات المتكررة للمنازل، والضرب والإهانة، وقلع لأشجار الزيتون،
والحواجز، وإغلاق الطرق، واحتلال المنازل، وإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع،
وضرب واعتقال النساء، واختطاف الأطفال من أحضان أمهاتهم، وتصويرهم بحجة تعبئة
ملفاتهم.
بعض بيوت القرية والتلال المحيطة بها
ومعظم سكان النبي صالح، دخلوا السجن في
مرحلة ما، حيث أصبحت القرية معروفة بحركتها الاحتجاجية الشعبية.
وبرغم صغر عدد سكانها ومراقبتها طوال 24
ساعة من قبل برج لجيش الاحتلال يقع شرقها إلا أن قرية النبي صالح صارت شوكة في حلق
الاحتلال يصعب نزعها بتحديها المتواصل دون كلل أو ملل عبر المسيرات السلمية.
المصادر:
ـ "قرية النبي صالح.. شوكة في حلق
الاحتلال"، المركز الفلسطيني للإعلام، 31/8/2015.
ـ عوض الرجوب، "النبي صالح.. قرية تقاوم
الاستيطان"، الجزيرة نت، 9/1/2012.
ـ "النبي صالح.. قرية فلسطينية رغم النكسة
والجدار تتحدى الاستيطان"، وكالة معا الإخبارية، 15/6/2013.
ـ ريهام عبد الله، "عهد التميمي.. شوكة في حلق
الاحتلال الإسرائيلي"، اليوم السابع، 30/11/2023.
ـ "قرية فلسطينية سجن أغلب سكانها
بالمعتقلات الإسرائيلية.. هكذا تحول فيها النضال لمسألة عائلية"، عربي بوست،
7/12/2023.