بدأت
مصر إنشاء خط
قطار فائق السرعة بطول 660 كيلومترا عبر الصحراء لربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، في مشروع تؤكد السلطات إنه سيخفف الضغط عن العاصمة القاهرة ويدعم التوسع العمراني في بلد تغطي الصحراء معظم مساحته.
وسينقل القطار، للمرة الأولى، الركاب والبضائع بين الساحلين الشمالي والشرقي لمصر بسرعة تصل إلى 230 كيلومترا في الساعة، وهو ما وصفه وزير النقل كامل الوزير بأنه "قناة سويس جديدة على قضبان"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".
ويعد المشروع الأحدث ضمن سلسلة مشاريع عمرانية كبرى أطلقها رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي خلال السنوات الأخيرة، من بينها العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة على بعد 50 كيلومترا شرق القاهرة، والتي بلغت كلفتها نحو 58 مليار دولار.
وفي العام 2021، وقّعت مصر عقدا بقيمة 3,75 مليار يورو مع تحالف شركات من بينها مجموعة سيمنز الألمانية، لتنفيذ خط القطار الذي يمتد في شمال البلاد من العين السخنة على البحر الأحمر شرقا إلى مرسى مطروح على البحر المتوسط غربا، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر التي تضم الميناء الجاف الوحيد في مصر.
ومن المتوقع أن ينقل القطار نحو 15 مليون طن من البضائع سنويا، أي ما يعادل ثلاثة بالمئة من حجم البضائع التي عبرت قناة السويس عام 2024، وفق ما أفاد رئيس الهيئة القومية للأنفاق طارق جويلي وكالة فرانس برس.
ويقدّم القائمون على المشروع القطار باعتباره ركيزة استراتيجية للتنمية الحضرية في بلد تغطي الصحراء نحو 95 بالمئة من مساحته.
ويقول فيصل شعبان، الرئيس التنفيذي لشركة سيسترا في مصر المسؤولة عن إنشاء السكك الحديد، إن خط النقل فائق السرعة "سيخفف الضغط على القاهرة الكبرى، وسيسهم في ظهور مراكز نمو جديدة تدعمها بنية تحتية متكاملة".
وفي العاصمة الإدارية الجديدة، بدأت ملامح إحدى محطات القطار الـ21 بالظهور، حيث تمتد ست سكك حديدية مكشوفة تربط بينها سلالم، بينما تنتشر في محيط الموقع لافتات تشير إلى مراكز تسوق ومناطق سكنية، في محاولة لجذب السكان إلى المدينة التي افتُتحت عام 2024.
غير أن محمد، وهو أحد عمّال البناء، لا يتوقع أن تشهد العاصمة الإدارية نموا سكانيا كبيرا، ويقول: "لن يسكن أحد هنا. سنكون قد أنجزنا كل هذا المشروع، لكنه لن يخدم سوى السياح أو نقل البضائع".
ويتركز معظم سكان مصر، البالغ عددهم نحو 108 ملايين نسمة، على ضفتي نهر النيل وفي دلتا النهر، في واحدة من أعلى الكثافات السكانية في العالم العربي.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل الخط الأول من المشروع، المعروف بـ"الخط الأخضر"، عام 2028، على أن يشكل وحده ثلث شبكة القطارات المستقبلية التي يبلغ طولها الإجمالي 1985 كيلومترا.
وسيتبع ذلك "الخط الأزرق" الذي يمتد بمحاذاة النيل من أبو سمبل في أقصى الجنوب إلى القاهرة، ثم "الخط الأحمر" الذي يربط مدينتي الغردقة وسفاجا بشمال الأقصر.
وتأمل الحكومة المصرية أن تنقل شبكة القطارات الجديدة نحو 1,5 مليون راكب يوميا بحلول عام 2030.
وتعد شبكة السكك الحديد الحالية في مصر، التي يستخدمها نحو مليون شخص يوميا، من أقدم شبكات القطارات في الشرق الأوسط، لكنها تشهد بشكل متكرر حوادث تصادم وخروج قطارات عن مسارها. وفي العام 2024، سُجّل نحو 200 حادث قطار في البلاد.