سياسة دولية

بريطانيا تحذر: الفشل الفرنسي في الحد من عبور القنال يفاقم أزمة الهجرة

السلطات الفرنسية وعدت في يونيو الماضي بتغيير تفسير القانون البحري للسماح للشرطة بمقاطعة القوارب على بعد 300 متر من الشاطئ، وهو ما اعتُبر وقتها خطوة "ثورية".. جيتي
أعرب رئيس الأمن الحدودي البريطاني، مارتن هيويت، عن إحباطه الشديد من عدم قدرة السلطات الفرنسية على تطبيق تكتيكات صارمة ضد القوارب الصغيرة التي ينقلها مهربون إلى المملكة المتحدة، مؤكداً أن عدم الاستقرار السياسي في فرنسا لعب دورًا في تأخير تنفيذ هذه الإجراءات.

جاء ذلك خلال جلسة أمام لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان البريطاني، حيث قال هيويت إن تغيّر الحكومات الفرنسية بشكل متكرر شكّل خلفية سياسية صعبة لتطبيق تكتيك يعتبره البريطانيون حاسمًا لمواجهة ما يعرف بـ"قوارب التاكسي" التي تنقل المهاجرين عبر القنال الإنجليزي.

وأوضح هيويت أن السلطات الفرنسية وعدت في يونيو الماضي بتغيير تفسير القانون البحري للسماح للشرطة بمقاطعة القوارب على بعد 300 متر من الشاطئ، وهو ما اعتُبر وقتها خطوة "ثورية" لوقف تدفق المهاجرين، إلا أن الشرطة الفرنسية رفضت العمل بهذه التعليمات دون ضمان حماية مناسبة وتدريب وتجهيز كافٍ.

وأشار المسؤول البريطاني إلى أن عدد الوفيات في القنال بلغ أرقامًا مروعة خلال الشتاء الماضي، حيث حاول المهاجرون الوصول إلى المملكة المتحدة عبر القوارب الصغيرة، وفقًا لتقرير المنظمة الدولية للهجرة، الذي سجل وفاة 82 شخصًا في 2024، بينهم 14 طفلاً، كما يُعتقد أن 28 شخصًا لقوا حتفهم هذا العام أثناء المحاولة.

كما كشف هيويت عن تغيّر جنسيات المهاجرين، حيث كان العديد منهم من إريتريا وإثيوبيا والسودان والصومال، ما أسفر عن موجة من الحوادث حين كان المهاجرون يصعدون القوارب قبل دفع الأجرة، وفق قوله.

وأفادت رئيسة اللجنة، كارين برادلي، أن الحكومة البريطانية تعمل فقط بـ12 مسؤولًا على صفقة "واحد داخل، واحد خارج" لإعادة طالبي اللجوء إلى فرنسا، مقارنة بأكثر من ألف موظف خلال خطة رواندا السابقة، إلا أن هيويت شدد على أن تفكيك شبكات التهريب لن يتم بين ليلة وضحاها، معتبرًا أن هذه الظاهرة جريمة منظمة ومربحة للغاية تتطلب استجابة طويلة الأمد.

وقال هيويت في ختام شهادته: "سبق أن ظن البعض أن هناك حلاً سريعًا وسحريًا، لكن هذه الجريمة متأصلة ومعقدة، ولا يمكن حلها بسرعة. علينا الاستمرار في العمل على كل الجبهات لمواجهة هذه الظاهرة".

يظل ملف الهجرة بين بريطانيا وفرنسا قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، تجمع بين الجوانب الإنسانية والأمنية والسياسية. فبينما تسعى لندن إلى وقف عبور القوارب الصغيرة ومكافحة شبكات التهريب المنظمة، تواجه باريس تحديات داخلية مرتبطة بالقانون البحري وحماية عناصر الشرطة والتقلبات السياسية، ما يعرقل تطبيق الإجراءات الصارمة.

ومع استمرار محاولات المهاجرين الوصول إلى المملكة المتحدة، يبرز جليًا أن الحلول السريعة غير كافية، وأن التنسيق المستمر بين البلدين، إلى جانب الالتزام بالمعايير الإنسانية، هو الطريق الوحيد للتعامل مع هذه الأزمة المستمرة.