واشنطن بوست: إسرائيل اتخذت خطوات جذرية لضمان سيطرتها على الضفة الغربية
لندن- عربي2129-Sep-2506:18 PM
شارك
الاهتمام الدولي انصب على الحرب في غزة، بينما كانت حكومة بنيامين نتنياهو والمستوطنون يعيدون صياغة الواقع في الضفة الغربية- الأناضول
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا من الضفة الغربية أعدته مديرة مكتبها في القاهرة كلير باركر، أوضحت فيه أن إسرائيل اتخذت خلال العام الجاري سلسلة خطوات جذرية لضمان سيطرتها الدائمة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وربما على كاملها، بما في ذلك إجراءات كانت الحكومات السابقة قد أجّلتها لحساسيتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاهتمام الدولي انصب على الحرب في غزة، بينما كانت حكومة بنيامين نتنياهو والمستوطنون يعيدون صياغة الواقع في الضفة الغربية، التي ينظر إليها معظم العالم باعتبارها قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأضافت أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) صوّت هذا العام بأغلبية ساحقة على قرار غير ملزم بضم الضفة، في وقت تدرس فيه الحكومة ما إذا كانت سترد رسميا على اعتراف دول كبرى بدولة فلسطين عبر المضي بخطوة الضم، وهي خطوة ستُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
وقالت "واشنطن بوست" إن الإجراءات الإسرائيلية تضمنت توسيعا غير مسبوق للاستيطان، والموافقة على مشاريع مؤجلة مثل تطوير منطقة E1 شرق القدس التي ستقسم الضفة فعليا إلى قسمين، واستئناف تسجيل الأراضي المتوقف منذ ستة عقود، بما قد يفتح الباب أمام مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينية.
كما نشرت إسرائيل الجيش لأول مرة منذ اتفاقيات أوسلو في مخيمات اللاجئين، ما أدى إلى تهجير عشرات الآلاف من سكانها، فضلا عن دعم هجمات متصاعدة للمستوطنين ضد الفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة عن نتنياهو قوله في أيلول/سبتمبر خلال حفل إطلاق مشروع استيطاني جديد: "لن تقام دولة فلسطينية. هذا المكان لنا. سنهتم أيضا بتراثنا وبلدنا وأمننا". فيما قالت المحامية الحقوقية الأمريكية أليغرا باتشيكو، مديرة "اتحاد حماية الضفة الغربية"، إن "الحكومة تريد جعلها نقطة اللاعودة، لم يعد الأمر بناء فقط بل يشمل إخلاء السكان ونقلهم".
وذكرت الصحيفة أن الاستيطان شهد تسارعا منذ تولي حكومة نتنياهو اليمينية السلطة عام 2022، خاصة بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وأشارت إلى أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نقل العام الماضي السيطرة على الشؤون المدنية في مناطق بالضفة من الجيش إلى إدارة مدنية تحت إشرافه، ما خفف البيروقراطية أمام مشاريع البناء الاستيطاني.
كما أقرت الحكومة في أيار/مايو إنشاء 22 مستوطنة جديدة دفعة واحدة، في سابقة منذ أوسلو، بينما ارتفع عدد البؤر الاستيطانية الجديدة إلى 60 هذا العام، أي بمعدل ثمانية أضعاف السنوات السابقة.
وأضافت "واشنطن بوست" أن الحكومة أعادت أيضا إحياء مشروع E1، المجمّد منذ 30 عاما، عبر تخصيص نحو مليار دولار لبناء 3400 وحدة سكنية فيه و4200 وحدة أخرى في معاليه أدوميم، ما سيضاعف عدد سكانها البالغ 42 ألفا. واعتبرت الصحيفة أن المشروع سيحاصر بلدة العيزرية التي يسكنها 55 ألف فلسطيني. وأكدت أن أوامر الهدم صدرت بالفعل بحق تجمعات بدوية، بينها 18 تجمعا، ما أثار تحذيرات أممية.
وقالت الصحيفة إن السفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي، المعروف بتأييده الشديد للاستيطان، أكد في مقابلة إذاعية أن واشنطن "لن تملي على إسرائيل ما تفعل ولن تتدخل".
وتطرقت "واشنطن بوست" أيضا إلى سيطرة الجيش على مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين، ما أدى إلى تهجير نحو 40 ألفا وهدم مئات المباني لفتح طرق عسكرية، وهي المرة الأولى منذ ثلاثة عقود التي يسيطر فيها الجيش على مناطق حضرية خاضعة للسلطة الفلسطينية. ونقلت عن اللواء عبد الله كامل، محافظ طولكرم، قوله: "كل ما يحدث الآن يأتي من الخطة الإسرائيلية للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية".
وأشارت الصحيفة إلى تصاعد هجمات المستوطنين، إذ وثّقت الأمم المتحدة 927 هجوما خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، وأكدت جماعات حقوقية أن هذه الاعتداءات تهدف لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، وغالبا ما تجري بعلم أو دعم من قوات الأمن. وقال يائير دفير من منظمة "بتسيلم": "يمكن أن ترى الجنود يقفون جانبا يشاهدون العنف دون تدخل".
كما لفت التقرير إلى أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير خفف قبل عامين القيود على حيازة السلاح، ما سمح للمستوطنين بتسليح أنفسهم بشكل أكبر، وواجه عقوبات غربية بسبب تحريضه على العنف. ورد بن غفير بأن "العقوبات لا تخيفني"، معتبرا أن تسليح المستوطنين ضروري للدفاع عن النفس.
ونقلت الصحيفة قصة عائلة دراغمة في عين الحلوة بوادي الأردن، التي فقدت ماشيتها ومصدر رزقها بعد اعتداءات المستوطنين، ثم دُمّر منزلها ومصنع ألبانها البسيط على يد الجيش بذريعة "البناء غير القانوني". وأكد ابنهم إيهاب أن عائلته آخر من بقي في التجمع بعد أن فرّ باقي السكان، قائلا: "الآن جاء دورنا. الآن يأتون إلينا".