سياسة دولية

كيف رد الشرع على سؤال مدير "CIA" السابق حول انتقاله من القاعدة إلى الرئاسة؟ (شاهد)

الشرع : سوريا تسعى للتهدئة وبناء علاقات طبيعية مع العالم - الإخبارية السورية
افتتح المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي إبه) ديفيد بتريوس، حواره مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بسؤال حول ماضيه، قائلا: "عندما كنت في العراق كنت أسيراً لدى القوات الأمريكية لخمس سنوات، والآن أنت هنا كرئيس لسورية تشارك في أول انعقاد للأمم المتحدة بعد تحريرها من نظام بشار الأسد.. كيف انتقلت من مقاتل في القاعدة قبل 20 عاماً إلى رئيس يجلس اليوم على هذه المنصة في نيويورك؟"

جاء ذلك خلال فعاليات قمة كونكورديا المنعقدة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث شارك الشرع لأول مرة كرئيس لسورية في هذا المحفل الدولي، ليصبح أول رئيس سوري يلقي خطاباً في الجمعية العامة منذ عام 1967.



وفي رده، أوضح الشرع أن الماضي له أحكامه المرتبطة بظروف المرحلة، مضيفاً: "في وقت من الأوقات كنا في ميدان حرب، واليوم نحن في ميدان حوار. من خاض الحرب يدرك أكثر من غيره قيمة السلام.. عندما نحاكم التاريخ علينا أن نحاكمه بقوانين الماضي لا الحاضر".

وأشار إلى أن انخراطه السابق جاء في سياق إقليمي معقد، حيث كان العراق تحت الاحتلال وسورية مهددة، مؤكداً أن اندفاع الشباب حينها ارتبط بـ"نوايا الدفاع عن الناس وحماية النساء والأطفال". 

وتابع: "ربما تحدث أخطاء في مسيرة أي إنسان، لكن الأهم أن نبقى ملتزمين بخط حماية الإنسان من المخاطر، وهذا ما أوصلنا إلى هذه اللحظة لنكون أصدقاء نتبادل الحوار بدلا من الحرب".

محادثات مع الاحتلال الإسرائيلي
وخلال لقائه مجموعة من كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين في جلسة مستديرة ضمن القمة، كشف الشرع أن بلاده وصلت إلى مرحلة متقدمة من المحادثات الأمنية مع الاحتلال الإسرائيلي، تهدف للحفاظ على السيادة السورية ومعالجة المخاوف الأمنية الإسرائيلية. 

وأوضح أن المحادثات قد تتطور في حال نجاح التهدئة والتزام الاحتلال الإسرائيلي بالاتفاقات، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن أي تسوية مشروطة بانسحاب الاحتلال من الأراضي السورية، خاصة الجولان المحتل.

وأكد الشرع أن هذه المحادثات ستبين إن كانت لإسرائيل "مخاوف أمنية حقيقية أم أطماع توسعية"، مشدداً على أن دمشق تتبنى سياسة تقوم على "علاقات هادئة مع جميع الدول، وعدم تشكيل أي تهديد إقليمي"، مضيفاً أن سورية الآن في "مرحلة بناء تحتاج إلى الاستقرار".

العقوبات ومرحلة ما بعد الأسد
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية المفروضة بموجب "قانون قيصر"، جدد الشرع دعوته لرفعها، قائلا: "العقوبات لم تعد مبررة، وهي تستهدف الشعب السوري مباشرة.. سورية تحتاج إلى فرصة جديدة للحياة". واعتبر أن سقوط نظام بشار الأسد "فتح مرحلة تاريخية جديدة" أمام البلاد والمنطقة، مؤكداً وجود "مصالح متطابقة اليوم بين سورية والغرب والولايات المتحدة".

وأشار الشرع إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أزال بعض العقوبات، لكنه دعا الكونغرس إلى بذل المزيد لرفعها بالكامل، موضحاً أن الأولوية لبلاده حالياً هي تحقيق الأمن وتوحيد الأرض والشعب، ثم تعزيز التنمية الاقتصادية تدريجياً.

قضايا داخلية وحلول سياسية
وتطرق الشرع إلى الأحداث الأخيرة في السويداء والساحل، معلناً تشكيل لجان لتقصي الحقائق والسماح بدخول لجان تحقيق دولية، مع تأكيد التزام الدولة بمحاسبة أي اعتداء على المدنيين. كما شدد على أن "حصر السلاح بيد الدولة هو الضمانة الوحيدة لاستقرار سورية".

وفي ما يخص العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كشف أن الحكومة عرضت دمج مقاتليها في الجيش السوري مع ضمان حقوق الأكراد، لكنه أشار إلى "تباطؤ في تنفيذ الاتفاق". 

كما جدد التأكيد على اتفاق 10 آذار/مارس الماضي الذي ينص على حلول سلمية سريعة التطبيق، مشدداً على رفض المحاصصة واعتماد مبدأ التشاركية في تشكيل الحكومة.

التركيز على التنمية وإعادة الإعمار
أكد الشرع أن سورية ورثت إرثاً من الاضطرابات عبر ستة عقود، ولا يمكن حل مشاكلها دفعة واحدة، مضيفاً أن المرحلة المقبلة ستتركز على التنمية الاقتصادية: "لدينا الكوادر القادرة على البناء، لكننا نحتاج إلى رفع العقوبات كي نتمكن من استغلال إمكاناتنا.. سورية قادرة على النهوض وأن تكون جزءاً فاعلاً من النظام العالمي".

إلى جانب حواره مع بتريوس، التقى الشرع وفداً من الجالية السورية في الولايات المتحدة، حيث دعاهم إلى لعب دور محوري في "نقل الصورة الحقيقية" عن سورية في الخارج، معرباً عن امتنانه لجهودهم في خدمة وطنهم.

ويُنظر إلى مشاركة أحمد الشرع في اجتماعات الأمم المتحدة كـ"لحظة مفصلية" في تاريخ سورية الحديث، تعكس مرحلة انتقالية جديدة بعد سقوط نظام الأسد، ومحاولة لإعادة إدماج دمشق في النظام الدولي من بوابة الشرعية الأممية.