صحافة عربية

كوارث مستمرة في السودان وأفغانستان.. هل يكتفي العالم بالمراقبة؟

المأساة تعتبر واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان - جيتي
دمر انهيار أرضي قرية تراسين في إقليم دارفور بغرب السودان نهاية آب/ أغسطس، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص، في مأساة جديدة تضيف عبئًا على السكان الذين يعانون تداعيات الحرب الأهلية.

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور قال فيه إن أعداد القتلى لا تزال غير واضحة، لكنها تُقدر بالآلاف، في إقليم دارفور بغرب السودان، الذي عصفت به سنوات من الصراعات الفئوية.

وأضاف ثارور أن انهيار أرضي قد دمر قرية تراسين بالكامل في 31 آب/ أغسطس، مما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص على الأرجح. تقع البلدة في منطقة نائية، تقع في أعالي جبال مرة، ويمكن الوصول إليها في الغالب سيرا على الأقدام أو على ظهور الحمير، وفقا لعمال الإغاثة والميليشيات المحلية التي تسيطر على المنطقة. وقد كافحت فرق الإغاثة التابعة للأمم المتحدة للوصول إلى الموقع بعد أيام عديدة من وقوع الانهيار الأرضي.

وتابع أن المأساة تعتبر واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ السودان الحديث، لكنها تبدو بالفعل تفصيلا صغيرا في سياق معاناة أوسع. بسبب الحرب الأهلية المدمرة في البلاد، والتي بدأت في نيسان/ أبريل 2023 وربما أودت بحياة أكثر من 150 ألف شخص، أصبح السودان موطنا لمجاعة مستمرة ووباء الكوليرا وأكبر أزمة نزوح في العالم وقائمة قاتمة من الكوارث الإنسانية الأخرى. شهدت جبال مرة تدفقا للمدنيين النازحين بسبب القتال في أماكن أخرى في دارفور، وخاصة مدينة الفاشر المحاصرة، حيث حذر مسؤولو الأمم المتحدة من تعرض سكان بأكملهم لخطر المجاعة.

وتابع أنه في نفس يوم الانهيار الأرضي المميت في السودان، ضرب زلزال قوي ولاية كونار بشرق أفغانستان. وقد أسفر الزلزال والهزات الارتدادية والهزات التي تلته في الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من 2200 شخص، وفقا لمسؤولين حكوميين يوم الخميس. كما تعثرت جهود الإنقاذ، مع محدودية الموارد وتضرر الطرق والجسور. وقدرت جمعية خيرية إسلامية للإغاثة أن 2% فقط من المنازل في الولاية لا تزال قائمة، وهذا هو حجم الدمار. يزعم مسؤولو الأمم المتحدة أن أكثر من نصف مليون شخص، بينهم العديد من الأطفال، قد تضرروا من الزلزال، حيث تقطعت السبل بالعديد منهم في الجبال دون مأوى مناسب.

وأضاف أن حكومة طالبان المنبوذة في أفغانستان طلبت مساعدة دولية، وأرسلت دول عديدة، بما في ذلك الصين وأوزبكستان المجاورتان، مساعدات. حشدت المنظمات الإنسانية بعض أموال الطوارئ، لكن هذا جزء ضئيل مما تحتاجه المجتمعات التي كانت فقيرة وضعيفة أصلا، وهي الآن محرومة تماما.

وقال إن مزارع من بلدة ودير المدمرة قال لوكالة أسوشيتد برس: "فقدت عائلتي حوالي 300 بقرة وغنم وماعز في هذا الزلزال. كان جميع سكان القرية مزارعين ومربي ماشية"، هذا ما . ليس لدينا مصدر دخل آخر. لا أعرف ماذا أفعل أو إلى أين أذهب لأن منازلنا انهارت. لم يبقَ حتى جدار. ماذا سنفعل بهذه الحياة؟"

وتابع أن في أفغانستان، يمتد البؤس والحرمان إلى ما هو أبعد من مناطق البلاد المتضررة من الكوارث الطبيعية. يحتاج ما يقرب من نصف سكان أفغانستان إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية. وقد أثّر خفض المساعدات الأمريكية ونقص التمويل الإنساني بشكل كبير على بلد يعتمد منذ زمن طويل على الدعم الدولي.

وأضاف أن سياسات طالبان الصارمة والمتشددة استهدفت النساء بقسوة، مما أدى إلى حرمان الفتيات من التعليم واستبعادهن بشكل كبير من الحياة العامة. ومما زاد من الأذى في كونار، بعد الزلزال، أن بعض رجال الإنقاذ رفضوا الاعتناء بالنساء المنكوبات بسبب المحظورات الثقافية المتعلقة بلمسهن.

وأردف أنه على الرغم من عزلتها على الساحة العالمية منذ استيلائها على السلطة قبل أربع سنوات، حاولت حركة طالبان الحاكمة تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لكن أفغانستان تكافح لاستيعاب عودة أكثر من مليوني لاجئ أفغاني رحِلوا مؤخرا إلى البلاد من دول مجاورة، بما في ذلك باكستان وإيران.

وقد أدى تدمير الرئيس دونالد ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إغلاق مئات المرافق الطبية في أفغانستان، وحرم مئات الآلاف من الناس من الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية الحيوية، كما أفاد مدير مكتب واشنطن بوست في أفغانستان، ريك نواك، في وقت سابق من هذا العام.

وتابع أن مدير مكتب أفغانستان في المجلس النرويجي للاجئين، جاكوبو كاريدي، قال في بيان يوم الأربعاء: "الموارد المحلية مُستنزفة إلى حد الانهيار، ونقص التمويل يحد من نطاق وسرعة الاستجابة الإنسانية". وحثّ المانحين على "تكثيف جهودهم ومواصلة التزامهم على المدى الطويل - ليس فقط لتمويل الإغاثة المنقذة للحياة، ولكن أيضا لضمان حصول الأفغان على فرصة لمستقبل يتجاوز حالة الطوارئ الدائمة".

وأضاف أنه، لا تزال حالة الطوارئ الدائمة هي الوضع الراهن في كل من أفغانستان والسودان. فحتى مع إعادة الحكومات الأخرى النظر في نهجها تجاه طالبان في كابول، تُبقي واشنطن على عقوبات خانقة، ويبدو من غير المرجح أن تُطبّع العلاقات مع المتشددين الإسلاميين في أي وقت قريب. كما أنهت إدارة ترامب وضع الحماية لآلاف اللاجئين الأفغان الذين يأملون في بناء حياة في الولايات المتحدة، بمن فيهم العديد من الأفغان الذين عملوا عن كثب لسنوات مع القوات الأمريكية في البلاد.

وأضاف أن صدمات أجيال تلوح في الأفق من سفك الدماء والفظائع؛ ففي السودان، تعتقد المحكمة الجنائية الدولية أن هناك أدلة كافية على جرائم حرب في الصراع الأخير، وخاصة تلك التي ارتكبتها قوات الدعم السريع شبه العسكرية في دارفور. وعلى الرغم من كل جهوده المتقطعة لصنع السلام العالمي، لم يُكرّس ترامب الكثير من الكلام، ناهيك عن أي وقت حقيقي، لفرض وقف إطلاق النار في ثالث أكبر دولة في أفريقيا.

وتابع أنه يمكن قياس تخفيضات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالأرواح المفقودة في السودان، وخاصة في موجة وفاة الأطفال بسبب سوء التغذية وبينما تستخدم الميليشيات المتجولة الاغتصاب كسلاح حرب، تقدر الأمم المتحدة أن حوالي 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان لم يعد بإمكانهن الحصول على خدمات الصحة الإنجابية الحيوية، مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في حالات الإملاص ووفيات المواليد الجدد ووفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها.

وأشار إلى أن الأزمات المتشابكة التي تواجه السودان وأفغانستان تأتي في وقت تنقلب فيه المجتمعات في الغرب ضد الترحيب باللاجئين الجدد، بينما تدير الحكومات الكبرى ظهرها لتمويل ركائز ضخمة لنظام إنساني دولي متعثر.

وكتبت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في مقال رأي الشهر الماضي: "الاحتياجات العالمية مرتفعة بشكل مثير للقلق، مدفوعة بشكل كبير بعواقب الصراع وعدم الاستقرار، ومع ذلك فإن الموارد اللازمة لتلبيتها آخذة في التقلص مع خفض بعض الحكومات تمويلها للعمل الإنساني الدولي. ونتيجة لذلك، يواجه برنامج الأغذية العالمي عجزا كبيرا في الميزانية، مما اضطره إلى تخفيضات جذرية في المساعدات الغذائية الأساسية. وقد فقد ملايين الأشخاص، أو سيفقدون قريبا، شريان الحياة الذي نقدمه لهم".