سياسة دولية

آلاف المتظاهرين في شوارع اندونيسيا وسط إجراءات أمنية مشددة بعد اضطرابات دامية

إندونيسيا: آلاف المتظاهرين وسط إجراءات أمنية مشددة بعد اضطرابات دامية - الأناضول
أفادت منظمات حقوقية، أمس الثلاثاء، بأن نحو 20 شخصا مازالوا في عداد المفقودين عقب تظاهرات عنيفة اجتاحت إندونيسيا خلال الأيام الماضية، احتجاجا على امتيازات مالية مثيرة للجدل أقرها البرلمان للمشرعين، قبل أن تتوسع لتشمل مطالب اقتصادية وانتقادات حادة لسلوك الشرطة.

وقالت لجنة المخفيين وضحايا العنف (كونتراس) في بيان: "اعتبارا من الأول من أيلول/سبتمبر الجاري، أُبلغ عن فقدان 23 شخصا، وبعد التحقق لا يزال 20 منهم مفقودين"، مشيرة إلى أن حالات الاختفاء سُجلت في العاصمة جاكرتا (وسطى وشرقية وشمالية) إضافة إلى مدينتي باندونغ وديبوك في جزيرة جاوا.


قتلى ومعتقلون
وأسفرت الاحتجاجات، التي تعد الأوسع والأعنف منذ تولي الرئيس برابوو سوبيانتو السلطة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن مقتل ما لا يقل عن ثمانية أشخاص حتى الآن، وفق منظمات حقوقية، فيما أعلنت الشرطة أنها اعتقلت أكثر من 1240 شخصا في جاكرتا منذ 25 آب/أغسطس الماضي.

كما أكدت الشرطة توقيف الناشط ديلبيدرو مرهاين، مدير مؤسسة "لوكاتورو"، بتهمة "التحريض على ارتكاب أعمال فوضوية"، وهو ما اعتبرته منظمات مدنية محاولة لإسكات الأصوات الناقدة.

اشتباكات قرب الجامعات
في مدينة باندونغ (140 كم من جاكرتا)، اندلعت اشتباكات عنيفة قرب جامعة باندونغ الإسلامية وجامعة باسوندان، بعدما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على حشود من المتظاهرين. ونفت إدارة الجامعة أن يكون طلابها قد شاركوا في "أي تحريض"، فيما اتهم ناشطون الشرطة باقتحام الحرم الجامعي.

وتكررت التظاهرات في مدن عدة، منها باليمنبانغ بجزيرة سومطرة، وماكاسار بجزيرة سولاويسي، ويوغياكارتا بجزيرة جاوا، وسط تقارير عن استخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق المحتجين.

ردود دولية وانتقادات حقوقية
من جانبها، دعت الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في "الاستخدام غير المتكافئ للقوة" من جانب قوات الأمن ضد المتظاهرين. وقالت رافينا شمدساني، المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان، إن المنظمة تتابع عن كثب التطورات وتحث جاكرتا على الالتزام بالمعايير الدولية.

أما منظمة هيومن رايتس ووتش، فقد اتهمت السلطات بالتعامل مع الاحتجاجات "كما لو كانت خيانة أو إرهابا"، وطالبت بمحاسبة الضباط المتورطين في الانتهاكات.

استنفار رسمي ووعود بمساعدات
لجأ الرئيس برابوو سوبيانتو٬ إلى نشر الجيش في شوارع العاصمة، وزار جرحى من رجال الشرطة في المستشفى، داعيا المتظاهرين إلى إنهاء الاحتجاجات. وفي خطوة لاحتواء الغضب الشعبي، أعلن عن إلغاء قرار مخصصات المشرعين، كما التقى نقابات عمالية لمناقشة تعديل قوانين العمل ورفع الحد الأدنى للأجور.

بدورها، أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية أن الحكومة ستقدم مساعدات للضحايا تشمل تغطية العلاج الطبي للجرحى، ودفع تعويضات لأسر القتلى، وإصلاح المساكن المتضررة، وحتى المساعدة في الرسوم المدرسية. وذكر الوزير سيف الله يوسف أن الرئيس "يولي اهتماما خاصا بجميع الضحايا، سواء من المدنيين أو قوات الأمن".

خسائر اقتصادية وتعليق خدمات
وبحسب سلطات جاكرتا، بلغت قيمة الخسائر الناجمة عن أعمال العنف نحو 3.4 ملايين دولار. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة الاضطرابات، أعلنت منصة "تيك توك" تعليق خدمة البث المباشر "لبضعة أيام" في إندونيسيا، حيث يضم التطبيق أكثر من 100 مليون مستخدم.

وتظل هذه الاحتجاجات، التي تفجرت إثر غضب شعبي من الامتيازات المالية للبرلمان، مؤشرا على هشاشة الوضع الداخلي في أكبر اقتصاد بجنوب شرق آسيا، وسط ترقب لمدى جدية الحكومة في الاستجابة لمطالب الإصلاح ومحاسبة الأجهزة الأمنية على تجاوزاتها.