تتزايد التقييمات
الاسرائيلية بشأن "عبثية" الحرب الدائرة في
غزة منذ قرابة عامين، بل إن
عددا متزايدا من صانعي الرأي العام باتوا على قناعة بأن هذه الحرب هي "خديعة،
وأن الجنود يسقطون عبثا، وأن رفاقهم سيواصلون التمرّغ في وحل غزة" على مذبح
المصالح الشخصية والحزبية لرئيس الوزراء.
يوفال إلباشان الخبير
القانوني، وأستاذ القضاء في الجامعات الاسرائيلية، ذكر أنه "ليس من قبيل
الصدفة أن يتم استخدام مفاهيم مرتبطة في الوعي الجمعي الإسرائيلي بحرب لبنان
الأولى، ولعل الهدف واضح ويتعلق بتحقيق الانسحاب الكامل من غزة، على غرار الانسحاب
من لبنان قبل 25 عاما".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أنه "من أجل تحقيق هذه
الغاية، تم اختيار بنيامين نتنياهو ليلعب دور مناحيم بيغين، بقيادة شركائه
المتعطشين للغزو، اليوم يتمثلون بـ"بيتسلئيل سموتريتش"، وهو النسخة الحرفية
من أريئيل شارون في حينه، وباقي شركاء الائتلاف الحكومي الذين يحلمون بالعودة
لحدود "الوعد الإلهي" في التوراة، وكأن الوحل الغزاوي هو بديل للمستنقع
اللبناني".
وأوضح أنه ومن هنا
يأتي استخدام مصطلح "حرب الخداع" الذي ولد بعد عام من اندلاع حرب لبنان
الأولى 1982، كي يشكل سلماً للنزول من شجرة الدعم التي حظيت بها في بدايتها من قبل
النخب التي عارضت بيغن، ويبدو أن هذا المصطلح يشير إلى أن المؤيدين المتحمسين في
بداية العملية لم يكونوا مخطئين، لكن شارون خدعهم عندما صدقوا خدعته بالتوغل فقط
40 كيلومترا في الأراضي اللبنانية، ولكن عندما تم اكتشاف خديعته، ووصل الى بيروت،
سارعوا لسحب دعمهم، والمطالبة بالانسحاب الكامل".
وأشار إلى أن
"الحقائق التي تم جمعها على مرّ السنين، ودحضت ادعاءات المخادع والحجج
الكاذبة بشأن تلك الحرب لم تتغير حقًا، ومن بينها كذب شارون عندما ادعى أن بيغن كان
على علم بالخطة لإقامة حكومة صديقة في لبنان منذ البداية، وإدراكه أن دماء الجنود
في المعارك مع الفلسطينيين في لبنان لن تذهب سدى، لأن الحرب سجلت إنجازات
استراتيجية بالغة الأهمية، مثل الأضرار الجسيمة التي لحقت بالجيش السوري، والقضاء
على منظمة التحرير في جنوب لبنان".
وأكد أن "هذا
الانطباع العام، وعلى أساسه تم بناء سلم جديد للمساعدة بالنزول من شجرة الدعم
المطلق للذهاب للحرب في غزة بعد هجوم الطوفان، وهذا ما يطلبه أصحاب هذه المصطلحات
فيما يتصل بالحرب الحالية، وهو أمر لا يجوز الموافقة عليه، لأن الإنجازات التي حققها
الجيش في غزة كبيرة، وإن إلغاءها من أجل إنهاء الحرب يشبه مرة أخرى ذات الطريقة
التي يُنظر بها لحرب لبنان الأولى حتى يومنا هذا، بوصفها مليئة بالإخفاقات، رغم
أنها شهدت بعض النجاحات البارزة، مثل إسقاط 97 طائرة سورية، وطرد منظمة التحرير".
وأضاف أن "معارضة
استمرار الحرب في غزة ليس خطأ يرتكبه الداعون لها، فأنا أعتقد أنها يجب أن تتوقف
رغم إنجازاتها، وعدم تحقيق جميع أهدافها، من أجل إعادة جميع الرهائن المحتجزين في
غزة إلى ديارهم، كما أن التقارير بشأن الإرهاق الذي أصاب الجنود هناك منذ عامين في
مثل هذه الحرب المعقدة، يبرر نهايتها من أجل تجديد قواتهم، وإعادة شحن بطارياتهم".
وأوضح أن "هناك
أسباب إضافية لإنهاء الحرب الآن، لعل من بينها أننا تعرضنا للخداع، ولأنه لم يتم
تحقيق إنجازات كافية لتبرير استمرار سفك دماء الجنود، بل إنه بسبب الإنجازات
الكثيرة يمكننا الآن إنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن، وتعزيز أنفسنا للجولة
التالية في غزة".