كشفت مصادر مطلعة لموقع "
سيمافور" أن مشروع "
نيوم" العملاق في شمال غرب
السعودية يدرس تنفيذ خطة لإعادة هيكلة واسعة قد تشمل خفضا كبيرا في عدد الموظفين، ونقل أكثر من 1000 موظف إلى العاصمة
الرياض، وذلك في إطار سعي المملكة إلى تقليص التكاليف وتعزيز الرقابة الإدارية على المشروع الذي يعد ركيزة "
رؤية 2030".
ونقل الموقع عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الخطط، أن عمليات النقل الوظيفي قد تبدأ في وقت لاحق من هذا العام، ما يعني عمليا التراجع عن سياسة الرئيس التنفيذي السابق للمشروع، نظمي النصر، الذي أصرّ سابقا على تمركز الموظفين داخل موقع البناء النائي.
وأوضحت المصادر أن الموظفين الذين سيتم نقلهم إلى الرياض سيفقدون مجموعة من المزايا التي كانت تُقدم لهم في نيوم، مثل السكن المجاني والوجبات اليومية، وهي امتيازات ارتبطت بعزل الموقع الجغرافي، ما يُترجم إلى "خفض فعلي في الرواتب".
وجرى طرح إمكانية تسريح أكثر من 1000 موظف كجزء من خطة إعادة الهيكلة الشاملة، إلا أن المصادر أكدت أن القرارات النهائية لم تُتخذ بعد، وأن الخطة قابلة للتعديل.
مراجعة شاملة من صندوق الاستثمارات
تأتي هذه التحركات في أعقاب تدقيق داخلي أطلقه صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) في المشروع، عقب مغادرة النصر منصبه نهاية العام الماضي، وبالتزامن مع افتتاح محدود لمشروع جزيرة "سندالة" السياحية الفاخرة على البحر الأحمر، والتي تبلغ كلفتها نحو 4 مليارات دولار.
ورغم إطلاقها في حفل ضخم خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أُغلقت الجزيرة لاحقا وسط غموض بشأن مستقبلها، بحسب التقرير.
وكانت شركة نيوم قد نقلت مقرها الرئيسي إلى شمال غرب المملكة عام 2020، ما أجبر آلاف الموظفين على العيش في منطقة نائية، حيث أُسكنوا في كبائن مؤقتة ووفّرت لهم الشركة خدمات متكاملة مثل مطاعم على مدار الساعة وصالات رياضية ومدارس.
وقد أثارت تلك "الحياة المخملية" جدلا واسعا بعد انتشار مقاطع فيديو تُظهر نمط حياة مرفّه في الموقع، ما أثار امتعاض الإدارة العليا حينها.
وبحسب التقرير، تملك نيوم بالفعل مكاتب في الرياض، ومن المقرر أن تتوسع في إطار هذه الخطة الجديدة. ويُنظر إلى تركيز القوة العاملة في العاصمة كوسيلة لتعزيز رقابة صندوق الاستثمارات العامة على سير العمل والإنفاق في المشروع.
مراجعة "ذا لاين" وتقلّص طموحات التسليم
من بين أبرز مشروعات نيوم مشروع "ذا لاين"، المدينة الخطية المستقبلية المكونة من ناطحتين متوازيتين تمتدان بطول 170 كيلومتراً. وبينما كان من المقرر الانتهاء من مراحل كبيرة من المشروع بحلول 2030، تشير المعلومات الجديدة إلى أن التركيز قد تحول نحو إتمام جزء أصغر من المشروع في المدى القريب.
كذلك يستمر العمل على مشروع "أوكساغون"، المدينة الصناعية المطلة على الميناء، والتي من المتوقع أن تضم واحداً من أكبر مصانع الهيدروجين الأخضر في العالم. كما تستمر التحضيرات لمشروع "تروجينا"، الذي سيستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029.
وكان مايك تشيونغ، رئيس قسم التدقيق في صندوق الاستثمارات العامة، قد كثّف من زياراته الميدانية إلى نيوم لمتابعة وتقييم التقدم على الأرض.
ووفق تصريحات سابقة للنصر، فإن عدد موظفي نيوم الدائمين بلغ نحو 5000 موظف من أكثر من 100 جنسية، بينهم سعوديون وأوروبيون وأمريكيون، إضافة إلى 140 ألف مقاول وعامل يعملون في الموقع.
التكاليف تتضخم.. وأولويات الدولة تتغير
عند الإعلان عن نيوم في عام 2017، قُدّر إجمالي التكلفة بـ500 مليار دولار، إلا أن تقديرات حديثة تشير إلى أن التكلفة قفزت إلى نحو 1.5 تريليون دولار، في ظل تضخم حجم المشروع وطموحات المملكة.
يأتي ذلك بينما بدأت السعودية في التركيز على مبادرات ضخمة جديدة مثل استضافة معرض إكسبو 2030 في الرياض، وكأس العالم لكرة القدم للرجال في عام 2034، ما دفع المراقبين إلى التساؤل حول أولوية نيوم في خارطة الاستثمار السعودي.
وكان أيمن المديفر، الذي شغل سابقًا منصب رئيس قطاع الاستثمار العقاري المحلي في صندوق الاستثمارات العامة منذ 2018، قد عُيّن رئيسا تنفيذيا بالوكالة لنيوم بعد رحيل النصر، وتسلّم المنصب رسميا في أيار/مايو الماضي. وبحسب فايننشال تايمز، بدأ المديفر بإطلاق مراجعة واسعة النطاق لمجمل المشاريع قيد التطوير، لتحديد أولوياتها وحجمها في ضوء المتغيرات الحالية.