أقر مجلس النواب
المصري، في خطوة تشريعية وُصفت بالمفصلية، الأربعاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تعديل قانون الإيجارات القديمة، وذلك خلال جلسة عامة ترأسها المستشار حنفي جبالي.
ويهدف القانون، الذي أثار جدلاً مجتمعياً واسعاً، إلى إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، بعد عقود من تجميد القيم الإيجارية في العقارات الخاضعة لنظام الإيجار القديم.
مرحلة انتقالية لتحرير العلاقة الإيجارية
وبحسب نص التعديل الجديد، سيتم تطبيق فترة انتقالية مدتها سبع سنوات للوحدات السكنية المؤجرة، وخمس سنوات للوحدات المؤجرة لغير أغراض السكن من قبل أشخاص طبيعيين.
وتنتهي هذه المرحلة بتسليم المستأجرين للوحدات إلى الملاك، في خطوة من شأنها إلغاء القوانين الاستثنائية السابقة، ليخضع أي عقد إيجار جديد لأحكام القانون المدني، ما يمنح الطرفين حرية التعاقد دون تدخل تشريعي مباشر.
كما شمل التعديل أيضاً تعديلاً كبيراً في القيمة الإيجارية، إذ ستشهد الوحدات السكنية في المناطق المتميزة زيادات تصل إلى 20 ضعف القيمة الحالية، بحد أدنى لا يقل عن 1000 جنيه شهرياً.
وفي المناطق المتوسطة، تبلغ الزيادة عشرة أضعاف، على ألا تقل عن 400 جنيه، بينما تم تحديد الحد الأدنى في المناطق الاقتصادية بـ250 جنيهاً شهرياً.
أما الوحدات المؤجرة لغير أغراض السكن، فتُرفع القيمة الإيجارية إلى خمسة أضعاف القيمة الحالية، مع تطبيق زيادة سنوية دورية بنسبة 15% طوال الفترة الانتقالية.
وينص القانون في مادته العاشرة على نشره في الجريدة الرسمية، ليصبح نافذاً اعتباراً من اليوم التالي لنشره، في خطوة تؤكد على دخول القانون حيز التنفيذ الفوري دون تأجيل.
الجلسة العامة التي شهدت التصويت النهائي لم تخلُ من التوتر، إذ انسحب عدد من نواب اعتراضاً على المادة الثانية من القانون، والتي حددت فترة انتقالية مدتها سبع سنوات للوحدات السكنية، مطالبين بتمديدها تفادياً لتداعيات اجتماعية قد تنتج عن الإخلاء القسري أو ارتفاع القيم الإيجارية.
وخلال مداخلته في جلسة سابقة، شدد وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، على أن الدولة لم تكن طرفاً في نشوء الأزمة، بل ورثتها عبر عقود طويلة من التراكمات والتقاعس عن المعالجة.
وأشار إلى أن تدخل الدولة عبر هذا القانون جاء امتثالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، والذي قضى بعدم دستورية تثبيت الأجرة.
وأضاف فوزي أن القانون لا ينحاز لأي طرف، بل يستهدف تحقيق توازن عادل بين حقوق الملاك التاريخية ومتطلبات العدالة الاجتماعية للمستأجرين، مؤكداً أن "السكوت أكثر من ذلك لم يعد مقبولاً، ولا يمكن استمرار الوضع الراهن الذي يجحف بحقوق أحد الطرفين".
تفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي
على الصعيد الشعبي، انعكس صدور القانون سريعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيدين يرون فيه إنصافاً طال انتظاره للملاك، ومعارضين يرونه تهديداً مباشراً للاستقرار السكني لشريحة كبيرة من المصريين.
في مجموعة “نرفض تعديل قانون الإيجار القديم وتشريد ملايين المستأجرين” على فيسبوك، عبر كثيرون عن مخاوفهم مما وصفوه بـ"القرار الكارثي".
حيث تساءل البعض عن: "ما هو الإجراء القانوني للاعتراض على القانون؟"، بينما ألقى البعض الآخر باللائمة على الحكومة قائلين إن: "ملايين المستأجرين يحملون الحكومة مسؤولية التشريد".
ارتياح في صفوف الملاك
في المقابل، أعرب عدد كبير من ملاك العقارات المؤجرة بالنظام القديم عن ارتياحهم وتأييدهم للقانون، معتبرين إياه خطوة على طريق استعادة الحقوق.
وكتب البعض عبر فيسبوك: "كل الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنهاء هذا القانون الجائر".
ويأتي إقرار القانون في وقت تتزايد فيه الضغوط لمعالجة التشوهات الهيكلية في سوق السكن، وإيجاد حلول توازن بين حق السكن وحق الملكية، خاصة في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وتفاقم الأزمات الاقتصادية.