قال المحلل العسكري لصحيفة معاريف آفي أشكنازي،
إنه على الرغم من الهجمات "المتقنة" في العمق الإيراني والسوري
واللبناني، فإن العالم ينظر بدهشة متزايدة إلى الفشل الإسرائيلي الذريع في قطاع
غزة، حيث تحولت العملية العسكرية إلى مستنقع دموي استنزف الجيش والمجتمع.
وأشار في مقال له بالصحيفة، إلى أن إدارة الحرب
في غزة فشل مدو لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن "إسرائيل لا تنتصر
في غزة، بل تغرق في الوحل".
وعلى النقيض من الإنجازات الظرفية التي حققتها دولة
الاحتلال في ضرب مواقع خارجية، فإن ساحة غزة بقيت عصية على الحسم، وكاشفة لهشاشة
الاستعداد العسكري وسوء التخطيط السياسي.
ورغم مرور أكثر من 600 يوم على بداية العدوان،
وبلوغ عدد القتلى الإسرائيليين 1,905 جنديا ومدنيا، لم تحدد الحكومة هدفا
استراتيجيا للحملة، مكتفية بطرح شعارات غامضة مثل "ممارسة الضغط لتحرير
الرهائن"، وهو ما وصفه أشكنازي بأنه ليس هدف حرب، بل أمنية جوفاء.
وأضاف أن الجيش احتل مناطق في غزة لأربع مرات
أو أكثر، في جباليا وخانيونس ورفح، لكنه لم ينجح في الحفاظ أو السيطرة أو تحقيق
تقدم نوعي، مشيرا إلى أن شعار "النصر الكامل" الذي روّج له نتنياهو في
يناير 2024، قد سقط كليا مع تصاعد الخسائر وتآكل الجبهات.
وأوضاف: "الأرقام وحدها تتحدث 20 جنديا قتلوا
منذ بداية الشهر الجاري فقط، وموجات الاستنزاف أجبرت الجيش على استدعاء جنود
الاحتياط لجولة رابعة أو خامسة، في ظل نقص خطير في العتاد والوحدات القتالية،
وافتقار القوات لمعدات حديثة، إذ ما زالت تستخدم ناقلات جند ودبابات تعود إلى
خمسينيات القرن الماضي، كتلك التي شاركت في العدوان الثلاثي عام 1956".
وتابع: "أما قوات النخبة الهندسية
والمدرعة، التي تحمل العبء الأكبر من العمليات، فتكشف القصة الأعمق لهذا الإخفاق،
بعد أن اتضح أن هيئة الأركان كانت عمياء قبل 7 أكتوبر، ولا تزال تفتقر إلى الرؤية
حتى اليوم. إذ لم يكن هناك أي تصور واقعي لحجم الأنفاق والتحصينات، أو لقدرة حماس
على الصمود المدعوم شعبيا".
وبينما نحتفل، بحسب الكاتب، بضربات خاطفة في
الخارج، تتصاعد داخلنا الأسئلة المريرة عن الهدف والمعنى والمستقبل في غزة، وهي
أسئلة لا يجد فيها الجمهور ولا الجيش إجابة، سوى الإقرار بأن ما يحدث هناك ليس سوى
فشل عسكري وسياسي صريح، بكل المقاييس.