نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرا، حول الأوضاع السياسية في
ليبيا، وكيف تحولت خطط الحكومة الليبية، من حلم بناء
دبي على البحر المتوسط إلى جحيم.
وقالت المجلة، عبر التقرير الذي حمل عنوان: "أسوأ مؤتمر في العالم"، إنّ: "إن شعار: ليبيا تبني، وهو ما قُدم على أنه أضخم مشروع إكسبو، في شمال أفريقيا، واجتذب رجال أعمال من الصين وتركيا ومالطا، لكن مع وصولهم في 12 أيار/ مايو، بدأت قذائف الهاون بالتساقط، وأطلق مسلحون على متن شاحنات مزودة برشاشات ثقيلة النار، وسيطروا على نصف العاصمة طرابلس".
وأضافت: "تناثرت السيارات المحترقة في الشوارع وأغلقت المدارس والأسواق والبنوك أبوابها، واقتحم مسلحون البنك المركزي. وسرق أحدهم الغزلان من حديقة حيوان طرابلس".
"تراجعت بريطانيا بهدوء عن نصائحها المتعلقة بالسفر، والتي خففتها قبل شهر، وحذرت من جميع الرحلات إلى طرابلس وسارعت السفن في الميناء إلى المغادرة" بحسب التقرير نفسه، مردفا: "ونقلت تركيا، الحليف الرئيسي للحكومة، مواطنيها جوا إلى شاطئ الأمان".
إلى ذلك، أبرزت المجلة أنّ: "الجهود في طرابلس من أجل العمل على إعادة ضبط عجلة الدولة بعد الإطاحة بمعمر القذافي أثناء الربيع العربي عام 2011، تترنح مرة أخرى. إذ انكسر الجمود بين الحكومة المعترف بها دوليا في الغرب، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وخليفة حفتر، الرجل القوي الذي يحكم الشرق مع أبنائه".
وتابعت: "فقد خرج الصراع الذي كان كامنا، وتحول إلى أعمال عنف لم تشهدها ليبيا منذ خمسة أعوام"، مردفة: "على الرغم من الاعتراف الدولي به، كان الدبيبة دائما الأضعف. فعلى عكس آل حفتر، الذي كان مقاولا، وليس أمير حرب، تعتمد سلطة الدبيبة على تحالف غير مستقر، عندما أصبحت أكثر اضطرابا تحداها، محققا بعض النجاح الأولي عليها، إلا أن جوهر النزاع يدور حول المال".
وأورد التقرير أن: "الدبيبة وعائلته أفرغوا خزينة دولة كان يجب أن تكون من أغنى دول أفريقيا. فعندما تراجعت الأموال التي يدفعها للميليشيات، أبدت هذه تمردا متزايدا وحاولت البحث عن مصادر دعم بديلة، مثل اختطاف رؤساء الشركات الكبيرة والاحتفاظ بهم كرهائن".
ومضى بالقول: "عندما خشي الدبيبة أن حكمه أصبح عرضة للتهديد، دعا حرسه عبد الغني الككلي، أهم قائد ميليشيا وأقواهم لحضور لقاء في 12 أيار/ مايو وقتلوه، ثم انتقلوا لمواجهة وتحييد أكبر ميليشيا تعرف باسم قوات الردع الخاصة، وهي جماعة سلفية تسيطر على مطار طرابلس الرئيسي والأحياء المحيطة به، لكنها قاتلت حتى سيطرت على نصف العاصمة".
"سكان طرابلس ضاقوا ذرعا وسئموا من زعيم أفسد جشعه الوعد ببناء دبي على البحر الأبيض المتوسط. وتعبوا كذلك من انتظارالانتخابات الموعودة منذ عشرة أشهر بعد أن عينته الأمم المتحدة رئيس حكومة مؤقتة في شباط/ فبراير عام 2021" وفقا للتقرير نفسه.
وأكد أن: "الكثيرين يرون في الدبيبة واحدا من "الفلول"، أو أنه من نظام القذافي. وبعد وقف إطلاق النار الذي رحّبت به الأمم المتحدة في 14 أيار/ مايو، تدفق آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، مرددين نفس الشعارات التي رفعوها مرارا ضد القذافي عام 2011: إسقاط النظام وإجراء انتخابات وإعادة توحيد الشرق والغرب".
وفي الوقت نفسه، يتابع التقرير مبرزا أنّ "آل حفتر يُراقب الأمور، ويقيّمون الوضع وإن كانوا يستطيعون استغلال السخط في الغرب. فهم يسيطرون على برلمان الشرق وحقول النفط ونسبة 80 في المئة من البلاد. وفشل حصارهم الدموي في عام 2020 لطرابلس، لكنهم قاموا منذ ذلك الوقت باستمالة حلفائهم على أمل العودة".
وأوضح: "يقال إن أنصارهم في الزاوية والزنتان يتحركون. وهناك تقارير عن تحركات في سرت وسط البلاد وغدامس قرب الحدود مع الجزائر، ربما من أجل حرف نظر الجماعات التي وقفت مع الدبيبة".
تجدر الإشارة إلى أنه خلال جلسة عقدها برلمان الشرق في 19 أيار/ مايو ببنغازي، ثاني مدن ليبيا ومعقل حفتر، أعلن الحاضرون عمّا وصفوه بـ"عدم شرعية حكم الدبيبة واقترحوا استبداله. وقام عدد من وزراء الدبيبة الذين خافوا من اقتراب ساعة الحساب بالاستقالة من مناصبهم".
واستطرد التقرير بالقول: "إن رئيس الوزراء الليبي أرسل عائلته إلى لندن، لكنه متمسك بالسلطة. وفي محاولة يائسة للظهور بمظهر المسيطر، استدعى أتباعه من مسقط رأسه مصراتة لتأمين الشوارع. ويقال إنهم أطلقوا النار على المتظاهرين. ومع بقاء مطار العاصمة الرئيسي تحت سيطرة الردع، أعاد فتح مطار طرابلس الدولي المعطل لأول مرة منذ سنوات".
وأردف: "تعهد بتحويل ثكنات الككلي في طرابلس إلى منتزه وتطهير العاصمة من ميليشياتها المتبقية، أو كما يسميهم بـ:سمك القرش. لكن بدونهم، قد يزداد نفوذه هشاشة"، مضيفا: "بدأ الليبيون والدبلوماسيون الأجانب يتحدثون عن حكمه بصيغة الماضي، ومع إعادة فتح المطار، فعلى الأقل لديه فرصة للنجاة".