شدد "
معهد واشنطن" على أن
الصين بدأت تعيد تقييم علاقاتها مع
سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، لافتا إلى أن ذلك يأتي في ظل مخاوف صينية من تزايد نفوذ مقاتلين أويغور في الحكومة الجديدة، فضلا عن سعي بكين لتعزيز المكاسب الاقتصادية في بلد محوري بالمنطقة.
وأوضح المعهد في تقرير له أن بكين، التي دعمت نظام الأسد طيلة سنوات الحرب، تواجه اليوم واقعا جديدا في دمشق، حيث بات بعض المقاتلين الأويغور يشغلون مناصب في الحكومة، بينهم ضباط في وزارة الدفاع وأفراد في الحرس الخاص للرئيس أحمد
الشرع، على حد زعم المعهد.
وأشار التقرير إلى أن لصين أعربت عن قلقها البالغ بعد سقوط الأسد، حيث دعا وزير الخارجية وانغ يي إلى منع "القوى الإرهابية والمتطرفة من استغلال الفوضى". لكن بكين سرعان ما أبدت مرونة دبلوماسية عبر إرسال السفير شي هونغوي للقاء الشرع بعد أقل من شهرين، في مؤشر على أن الصين تتابع عن كثب التغيرات وتتحرك لحماية مصالحها.
وأكد المعهد أن العلاقات بين الطرفين شهدت أربعة لقاءات فقط منذ سقوط النظام السابق، تركزت على التعاون التجاري والزراعي، فيما قال السفير شي في أحد الاجتماعات: "نحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، وندعمها لتجاوز الوضع الحالي بنجاح"، مضيفا أن بلاده "لن تتدخل في الشؤون الداخلية السورية".
ورغم ذلك، شددت بكين على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المقاتلين الأويغور، وقال التقرير إن "الصين طالبت القادة الجدد في آذار/ مارس بـ’الوفاء بالتزاماتهم في مكافحة الإرهاب’، واتخاذ تدابير ضد ‘الحزب الإسلامي التركستاني’".
واعتبر المعهد أن مصالح الصين في سوريا لطالما ارتبطت بعاملين: أولا، حماية شركاتها ومصالحها الاقتصادية، خاصة بعد الخسائر التي منيت بها في ليبيا عقب تدخل "الناتو"..
وثانيا، "الحصول على معلومات أمنية واستخباراتية حول المواطنين الأويغور الذين انضموا لجماعات مسلحة في سوريا"، حيث تخشى بكين، بحسب التقرير، من عودتهم وتهديدهم للأمن الداخلي.
وفيما تسعى بكين للحفاظ على نفوذها الإقليمي، فقد شدد التقرير على أن تحول الحزب الإسلامي التركستاني إلى اسمه الأصلي "الحزب الإسلامي لتركستان الشرقية"، وتركيزه مجددًا على إقليم شينجيانغ الصيني، يعزز المخاوف الصينية من تنامي التهديدات المتصلة بالمقاتلين الأويغور في سوريا.
وحذر التقرير من أن فتور السياسة الأمريكية تجاه الحكومة السورية المؤقتة "قد يفسح المجال أمام الصين لتعزيز نفوذها"، داعيا
واشنطن إلى "صياغة خطة انخراط فعالة تشمل العمل مع الحكومة المؤقتة، وتخفيف العقوبات، وتوسيع الإعفاءات التجارية".
وختم معهد واشنطن تقريره بالقول إن "الانخراط الغربي المدروس مع دمشق الجديدة قد يحول دون تحقيق الصين لأي تقدم استراتيجي في بلدٍ محوري في الشرق الأوسط".