تواصل التراجع في صافي احتياطات البنك المركزي التركي باستثناء اتفاقيات "السواب"، ليصل إلى 20.8 مليار دولار في الأسبوع المنتهي بتاريخ 11 نيسان/أبريل الجاري، وسط مخاوف متزايدة بشأن استقرار الأسواق المالية، بعد التوترات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخرا.
وبحسب بيانات البنك المركزي، فقد تراجعت الاحتياطات الإجمالية خلال الأسبوع نفسه من 154.3 مليار دولار إلى 147.5 مليار دولار، في حين انخفض صافي
الاحتياطي من 48.7 مليار دولار إلى 38.9 مليار دولار.
وسجل صافي الاحتياطي باستثناء "السواب" انخفاضا غير مسبوق بلغ 44.6 مليار دولار منذ 19 آذار/مارس، وهو تاريخ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم
إمام أوغلو بتهم تتعلق بـ"الفساد".
وتسبب إمام أوغلو بأزمة حادة في البلاد، حيث هوى سعر الليرة لفترة وجيزة إلى مستوى 40 بالمئة مقابل الدولار، في حين تراجعت الأسهم التركية بنسبة 17 بالمئة.
وبحسب تقديرات
اقتصاديين في "غولدمان ساكس"، فإن المركزي التركي أنفق خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد اعتقال إمام أوغلو ما يقرب من 25 مليار دولار للدفاع عن الليرة.
والخميس، قرر البنك المركزي التركي في خطوة مفاجئة، رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 350 نقطة أساس ليصل إلى 46 بالمئة، بعد تقلبات حادة في السوق، أعقبت توترات سياسية على خلفية اعتقال إمام أوغلو.
وصدر القرار عن لجنة السياسة النقدية برئاسة محافظ البنك يشار فاتح قره خان، على عكس التوقعات التي كانت تشير إلى تثبيت الفائدة.
وكان البنك خفض الفائدة في آذار/ مارس الماضي إلى 42.5 بالمئة من 45 بالمئة، بعدما بدأ دورة تيسير نقدي في كانون الأول/ديسمبر الماضي، أعقبت جهودا لتشديد السياسة النقدية، استمرت منذ منتصف 2023.
وأثار تراجع الاحتياطي وقرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة جدلا في الأوساط التركية، في حين أكد وزير المالية محمد شيمشك في معرض رده على الانتقادات بشأن استخدام الاحتياطيات قبل أيام، أن "الاحتياطات تستخدم من أجل مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية".
في المقابل، علق الخبير الاقتصادي أوغور غورسيس بالقول: "نعم؛ الاحتياطيات موجودة لتغطية الصدمات الداخلية والخارجية في بلد ما. ما هي الصدمات؟ الصدمات التي هي خارج نطاق السيطرة قصيرة المدى لأولئك الذين يديرون البلاد أو الاقتصاد".
وأضاف في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس": "إذا كنت أنت من يتسبب في الصدمة بنفسك، فإن الاحتياطيات ليست ذخيرة مالية لتغطية خطئك"، مشيرا إلى أن "المبيعات الصافية بلغت 44.5 مليار دولار منذ 19مارس، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد".
وفي السياق، شدد كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي وعضو هيئة التدريس في جامعة "بيل كنت"، هاكان كارا، على أن قرار رفع الفائدة الذي اتخذه المركزي التركي في ظل التوترات الحاصلة في البلاد، يحمل دلالات مهمة.
وقال كارا في تصريحات صحفية؛ إن "الرسالة التي قُدمت كانت أهم من رفع سعر الفائدة"، لافتا إلى أنه "كان من الضروري أن يتخذ البنك المركزي خطوة حاسمة ويحدد سعر الفائدة".
وأضاف أن "هناك ضغطا شديدا على سوق الصرف الأجنبي نتيجة للصدمات الداخلية والخارجية التي نمر بها حاليا. لو شعر البنك المركزي بتقييد قبضته، لزاد الضغط أكثر. لذلك، استبق البنك المركزي هذا القرار، فرفع سعر الفائدة إلى 46%، ومنح نفسه مرونة في تحديد سعر الفائدة".
وأشار كارا إلى أن "قرار سعر الفائدة، مَنَعَ صدمة حادة محتملة في المستقبل من خلال المخاطرة في سوق الصرف الأجنبي"، موضحا أن "إيجاد التوازن بين أسعار الصرف وأسعار الفائدة من الأولويات؛ وإلا فإن المشاكل مثل التضخم وحتى التباطؤ الاقتصادي قد تتفاقم".