علماء يدرسون نشأة الكون لفهم تسارع حركة نظامنا الشمسي
لندن- عربي2120-Dec-2509:54 AM
أظهرت دراسة لجامعة بيليفيلد الألمانية أن النظام الشمسي يتحرك أسرع بثلاث مرات مما تتنبأ به النماذج الحالية - cco
شارك الخبر
كشف فريق من العلماء في جامعة بيليفيلد الألمانية عن نتائج بحثية جديدة قد تحدث تحولا في فهمنا لحركة النظام الشمسي والبنية الكبرى للكون، بعدما أظهرت دراسة حديثة أن نظامنا الشمسي يتحرك عبر الفضاء بسرعة تفوق التوقعات السابقة بثلاث مرات تقريبا.
الدراسة، التي نشرها باحثون مؤخرا في دورية "فيزكال ريفيو ليترز"، استخدمت بيانات من ثلاثة تلسكوبات راديوية من بينها شبكة LOFAR الأوروبية، واعتمدت على تحليل غير مسبوق لتوزيع مئات الآلاف من المجرات الراديوية في الفضاء، ونتائجها تهزّ أحد أهم افتراضات النموذج القياسي لعلم الكونيات، والتي تقول إن الكون متجانس على المقاييس الكبرى.
الانحياز أكبر بـ 3.7 مرات من القيم المتوقعة وقال لوكاس بومه، المؤلف الرئيسي للدراسة: "ظهر تحليلنا أن النظام الشمسي يتحرك أسرع بثلاث مرات مما تتنبأ به النماذج الحالية"، وأضاف أن هذا التناقض "يتعارض بوضوح مع توقعات علم الكونيات القياسي ويجبرنا على إعادة النظر في افتراضاتنا السابقة".
واعتمد الفريق على قياس ظاهرة تعرف بـ "ثنائي القطب في تعداد المصادر الراديوية"، وهي انحياز طفيف في عدد المجرات التي تظهر في اتجاه حركة النظام الشمسي مقارنة بالاتجاه المعاكس، وأظهر القياس أن هذا الانحياز أكبر بـ 3.7 مرات من القيم المتوقعة وفق النموذج الكوني المعتمد.
من جانبه، قال دومينيك شفارز، المشارك في الدراسة وأستاذ علم الكونيات في جامعة بيليفيلد:"إذا كان نظامنا الشمسي يتحرك فعلا بهذه السرعة، فعلينا أن نعيد النظر في الافتراضات الأساسية حول البنية واسعة النطاق للكون"، وأضاف: "قد يكون توزيع المجرات الراديوية أقل تجانسا مما كنا نعتقد… وفي كلتا الحالتين، نماذجنا الحالية توضع على المحك".
ما علاقة سرعة النظام الشمسي ونظرية نشأة الكون؟ النموذج الكوني القياسي (لامدا سي دي إم) هو الإطار العلمي الأشمل الذي يصف تطور الكون وبِنيته، يعتمد هذا النموذج على فكرة أن الكون بدأ بانفجار عظيم، ثم أخذ في التوسع مع الزمن، وأن الجزء الأكبر من محتواه ليس مادة عادية يمكن رؤيتها، بل مادة مظلمة تؤثر بجاذبيتها، وطاقة مظلمة تُسرّع تمدّد الفضاء.
ووفق هذا النموذج، تتشكل المجرات والعناقيد الكونية نتيجة لتفاعل المادة العادية مع الهياكل التي تبنيها المادة المظلمة، بينما تتحكم الطاقة المظلمة في مصير الكون على المدى البعيد، وفي إطار النموذج القياسي، يُفترض أنه عندما ننظر إلى الكون عبر مسافات هائلة تمتد لمئات ملايين السنين الضوئية، فإن التوزيع العام للمجرات والمادة يبدو متشابها في كل الاتجاهات.
وعلى الرغم من أن التفاصيل الصغيرة تختلف، كمواقع المجرات الفردية وتجمعاتها، إلا أن الصورة الكلية تظهر نمطا موحدا من العناقيد والفراغات، وهذا الافتراض بالتجانس يعد حجر أساس في النموذج القياسي، لأنه يسمح بصياغة قوانين كونية بسيطة يمكن تطبيقها على الكون كله، ويمنح العلماء إطارا موحدا لقياس التمدد الكوني وفهم تطور البنية الكبرى عبر الزمن.
ولأن الكون أشبه بخلفية مترامية مليئة بالمجرات، فعندما تتحرك الأرض والشمس خلال هذه الخلفية، يحدث تأثير يشبه تأثير حركة السيارة وسط المطر؛ في الاتجاه الذي نتحرك نحوه نرى مجرات أكثر قليلا، وفي الاتجاه المعاكس نرى مجرّات أقل، بالضبط كما يظهر المطر أكثر كثافة في اتجاه الحركة، وأقل كسافة في الخلف.
هذا الاختلاف يسمى "تباين الخواص ثنائي القطب"، وهو مقياس مباشر لسرعتنا داخل الكون. النموذج القياسي للكون يتوقع مقدارا محددا لهذا الاختلاف، لكن المفاجأة كانت أن الاختلاف الحقيقي أكبر بحوالي 3.7 مرات مما ينبغي أن يكون.
للتوصل إلى تلك النتائج استخدم العلماء بيانات من مسوح رصد راديوية حديثة عالية الدقة، والمشكلة كانت دائما أن كثيرا من المجرات الراديوية ليست "نقطة واحدة" مثل النجوم، بل تظهر ككيانات متعددة الأذرع والمكونات، ما يجعل عدها بدقة تحديا حقيقيا، وبحسب الدراسة، طوّر الباحثون خوارزميات جديدة لتمييز المجرة الحقيقية عن "الأجزاء المتعددة" المنفصلة، ثم أعادوا حساب اتجاه وسرعة الحركة الكونية للنظام الشمسي.
هل اقترب العلماء من معرفة كيف نشأ الكون؟ وفقا للنظريات السائدة، مثل نظرية الانفجار العظيم، والتضخم الكوني، فإن الكون نشأ في لحظة فريدة من الزمان والمكان، وبدأ يتوسع بسرعة هائلة مدفوعا بقوة غامضة لم يتم رصدها حتى الآن، فيما كشفت نظرية جديدة أن الكون ربما لم يبدأ بالانفجار العظيم كما هو متداول، بل نشأ نتيجة لانهيار ثقب أسود هائل الحجم، وارتداد الكون الذي نعرفه من هذا الثقب إلى كون أكبر.
وبحسب تقرير لصحيفة "ذا إندبندنت"، فإن النظرية الجديدة، التي نشرت مؤخرا في مجلة فيزيكال ريفيو دي ( Physical Review D)، تقترح سيناريو مختلفا، حيث لا تبدأ القصة من انفجار، بل من انهيار مادة كثيفة جدا تحت تأثير الجاذبية، وهذا يشبه ما يحدث عندما تنهار النجوم لتشكل ثقوبا سوداء، لكن ما يحدث داخل هذه الأجسام الغامضة لا يزال غير مفهوم.
يقول مؤلف الدراسة، إنريكي غازتاناغا، في مقال له على موقع "ذا كنفرسيشن" The Conversation: "هذا الارتداد ليس مجرد احتمال، بل نتيجة حتمية في ظل ظروف معينة"، ويضيف: "النتيجة الكونية لهذا التصور الجديد هي فهم مختلف لنشأة الكون، يقوم على انهيار ثم ارتداد لمادة موزعة بشكل كروي متماثل".
وتقوم هذه النظرية على الجمع بين نظرية النسبية العامة، التي تفسر سلوك الأجسام الكبيرة مثل الكواكب والنجوم، وقوانين ميكانيكا الكم، التي تشرح كيفية تصرف الجسيمات الدقيقة، وبحسب التقرير، فأن هذه النظرية لا تفترض وجود قوى غامضة غير ملاحظة لتفسير التوسع الكوني في بداياته، كما أن النظرية قابلة للاختبار، إذ تتوقع أن الكون ليس مسطحا تماما، بل منحني بشكل طفيف، مثل سطح الأرض.
"تجربة نيوترينو العميقة تحت الأرض" وفي سباق محموم، يسعى العلماء في مختبرٍ يقع في غابات ولاية ساوث داكوتا الأمريكية إلى الإجابة عن أحد أبرز التساؤلات العلمية: كيف نشأ الكون الذي نعيش فيه؟، حيث تعجز النظرية الحالية لنشأة الكون عن تفسير وجود الكواكب والنجوم والمجرات المحيطة بنا، ولهذا يعمل الفريق على ابتكار أجهزة رصد تهدف إلى دراسة جسيم يُعرف باسم "نيوترينو"، على أمل التوصل إلى تفسيرات جديدة.
How you DUNE?
The excavations for the Deep Underground Neutrino Experiment (DUNE) are coming along nicely as Dale Curran can attest in his photo from the 4850 level when scientists visited the nearly complete caverns.#PhotoOfTheWeek#POTWpic.twitter.com/aR6P0huFJm
وضمن بحث أُطلق عليها "تجربة نيوترينو العميقة تحت الأرض"، يأمل هذا المشروع العلمي الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، أن تكون الإجابة كامنة في باطن الأرض، حيث سيصل العلماء إلى عمق 1500متر تحت السطح، إلى داخل ثلاث مغارات شاسعة في باطن الأرض، لضمان عزلة عن الضوضاء والإشعاع الصادرين من العالم الخارجي، وأصبحت هذه التجربة حالياً جاهزة تماماً للانتقال إلى المرحلة التالية.
ويقول مدير الأبحاث العلمية في هذه المنطقة، غاريت هايز: "نحن في مرحلة الاستعداد لبناء جهاز الرصد الذي سيُحدث تحولاً في فهمنا للكون، وذلك باستخدام أدوات ستُنشر من قِبل تعاون يضم ما يزيد على 1400 عالم من 35 دولة، يتطلّعون جميعاً للإجابة عن سؤال: لماذا نوجد؟".
ويقول العلماء إنه عند نشوء الكون، وُجد نوعان من الجُسيمات هما: "المادة"، التي تتكوّن منها النجوم والكواكب وكل ما يحيط بنا، و"المادة المضادة"، أي النظير المضاد تماماً للمادة، وكان من المفترض، نظرياً، أن تُفني "المادة" و"المادة المضادة" بعضهما البعض، فلا يتبقى شيء سوى انفجار هائل من الطاقة، وعلى الرغم من ذلك، ها نحن هنا، موجودون مثل المادة، ويرى العلماء أن مفتاح فهم السبب وراء انتصار المادة ووجودنا حتى الآن يكمن في دراسة جسيم يعرف باسم "نيوترينو" ونظيره المضاد، أي "مضاد النيوترينو".