لم تعد
مقالات
الرأي العربية المنشورة على المواقع الإخبارية التقليدية تحظى بانتشار واسع أو
تفاعل ملحوظ من القراء. فرغم الجهد المبذول في تحريرها وتدقيقها لغويا ومهنيا،
يبقى صداها محدودا مقارنة بتأثير نفس المقال عندما ينشره الكاتب عبر حساباته
الخاصة على منصات
التواصل الاجتماعي.
المشكلة ليست
دائما في المحتوى بحد ذاته، بل في منصة النشر؛ فالجمهور المستهدف لم
يعد متابعا نشطا للمواقع الإخبارية الكلاسيكية أو الصحف الورقية العربية، ما انعكس
مباشرة على حجم التفاعل مع المقالات الصحفية وآراء الكُتّاب.
اليوم،
تحوّلت البوصلة باتجاه النشر عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة
بالكاتب أو الصحفي، وذلك لعدة أسباب:
المشكلة ليست دائما في المحتوى بحد ذاته، بل في منصة النشر؛ فالجمهور المستهدف لم يعد متابعا نشطا للمواقع الإخبارية الكلاسيكية أو الصحف الورقية العربية، ما انعكس مباشرة على حجم التفاعل مع المقالات الصحفية وآراء الكُتّاب
الدوافع النفسية
للكاتب: فما يسمى "بالإشباع الفوري" -وهو الرغبة في الحصول على المتعة
أو الرضا على الفور، دون تأخير أو انتظار- يلعب دورا رئيسيا في قرار نشر
الكاتب لمقالته على منصات التواصل الخاصة به. ويتمثل ذلك عبر متابعة الكاتب
للإعجابات والتعليقات السريعة من قبل المتابعين، مما يفرز هرمون السعادة
"الدوبامين" في الدماغ ويؤدي إلى حالة من إدمان الناشر لتلك
التفاعلات.
فقد أشارت دراسة أجرتها
جامعة ستانفورد الأمريكية للطب تحت عنوان "شرح الإمكانات الإدمانية لوسائل
التواصل الاجتماعي" أن "كل إشعار يُعطي دفعة صغيرة من الدوبامين. عدم
القدرة على التنبؤ بموعد وصول هذه الدفعات يجعل وسائل التواصل الاجتماعي أكثر
إدمانا".
الدوافع
الاجتماعية للمتابعين:
تفاعل المستخدمين
على منصات التواصل لا يرتبط بالمحتوى فقط، بل بالدوافع الاجتماعية أيضا؛ حيث
يمنحهم التفاعل شعورا بالانتماء لمجموعة أو اتجاه فكري، بينما يفتح الفضاء الرقمي
المجال لحوارات ونقاشات ومشاركة تجارب شخصية بشكل لا تتيحه الصحف التقليدية
الإلكترونية والورقية العربية.
العوامل
التكنولوجية:
تلعب التكنولوجيا
دورا رئيسيا في تعزيز هذا التفاعل، إذ تعتمد المنصات على خوارزميات ترفع من ظهور
المحتوى أو المقال الذي يحظى بأكبر قدر من الإعجابات والمشاركات، مما يشجع
المستخدمين على الانخراط أكثر، إضافة إلى سهولة استخدام أدوات مشاركة المقال مع
المئات في آن واحد.
تأثير الانتشار "الفيروسي":
كلما ارتفع عدد
الإعجابات والمشاركات، اتسع نطاق وصول المحتوى وانتشاره. ويعي المستخدمون أن
تفاعلهم المباشر يساهم في دفع المنشور إلى جمهور أوسع، مما يمنحهم شعورا بالقوة
والمشاركة الفعلية في صناعة انتشاره. في ذات السياق، أشارت دراسة لجامعة هارفارد
بيزنس عام 2020 إلى أن "انتشار المحتوى لا يقتصر على المحتوى فحسب، بل يتعلق
أيضا بالتوقيت والشبكات. بمجرد أن يكتسب المنشور زخما، تتدخل الخوارزميات لدعم
المادة المنشورة".
يُظهر الانتشار
الواسع لمقالات الرأي على منصات التواصل الاجتماعي أن قوة المحتوى لم تعد تكفي
وحدها، بل أصبحت المنصة وطريقة التفاعل مع الجمهور هما العاملان
الرئيسيان لنجاحه. في نهاية المطاف، السوشال ميديا لم تعد مجرد وسيلة نشر، بل
منصة لصناعة الرأي ومشاركة التجربة بشكل حي ومباشر بشكل يتفوق على المواقع
الإلكترونية التقليدية.