تواصل دولة
الاحتلال
افتعال المزيد من الأزمات السياسية والدبلوماسية مع العديد من دول العالم، لاسيما
القريبة منها، والصديقة لها، وآخرها
فرنسا، التي يتهمها الاسرائيليون بأنها مهتمة
بالحفاظ على النظام الإقليمي "القديم" في الشرق الأوسط انطلاقا من
مصلحتها الذاتية، مما يستدعي "إبعادها" عن المنطقة، ومنع أي تدخل
مستقبلي لها فيها.
عاميت ياغور، الضابط
الكبير السابق في القسم الاستراتيجي بشعبة التخطيط بجيش الاحتلال، والاستخبارات
البحرية، زعم أن "الحرب حاليا تدار على محورين متوازيين: أولاهما جبهة القتال
في
غزة، بما فيها المفاوضات السياسية والتحضيرات العسكرية لاحتلال غزة، والتفاعل
بينهما، وثانيهما تشكيل النظام الإقليمي الجديد في اليوم التالي، وجميع الأطراف
تتطلع بالفعل لهذا اليوم، وتسعى لكسب انخراطها ونفوذها سياسيا واقتصاديا في
النظام الإقليمي الجديد".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة
معاريف، وترجمته "عربي21" أن "بعض الأطراف تظهر انخراطا
مفرطا في جبهة القتال في غزة، في محاولة رئيسية لفرض نهاية للحرب بشروط مناسبة
لهم، تخدم اليوم التالي من وجهة نظرهم، وبما يتوافق مع مصالحهم، ومن بينهم يبرز
طرف بارز في النظام الإقليمي القديم وهو فرنسا التي تعاني من مشاكل داخلية كبيرة
تتعلق بالمهاجرين داخلها، وشهدت أعمال شغب شديدة هذا الصيف في شوارع باريس والمدن
الكبرى، وقد أبدت موقفا متحفظا طوال الحرب على غزة، وسرعان ما تحول لموقف عدائي
وصارم تجاه التحركات الإسرائيلي في القطاع".
وأشار إلى أنه
"مع مرور الوقت، اتضح أن ما يهم فرنسا ليس غزة فحسب، بل محاولة إعادة الترويج
لحل الدولة الفلسطينية من خلال استغلال الحرب، ومحاولة تعزيز الضغط الدولي الذي
يجبر الاحتلال على إنهاء الحرب بتعزيز السلطة الفلسطينية، بزعم أنها مهيمنة من
خلال القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة، وهي في الواقع سفارتها لدى السلطة
الفلسطينية، ومهتمة بالحفاظ على نفوذها وموطئ قدمها في بؤرة الصراع، ومصالحها،
وتحويل الانتباه عما يجري بشأن مشاكلها الداخلية إلى بؤر صراع خارجية".
وأوضح أن "الرئيس
إيمانويل ماكرون يتطلع لنهاية ولايته ومناصبه المستقبلية، ربما في إطار رئاسة
الاتحاد الأوروبي، ولأن مستشاره الإسرائيلي السابق، عوفر برونشتاين، يروج لهذه
القضية بقوة، وأفاد بأن فرنسا تدرس افتتاح سفارة في رام الله وسفارة فلسطينية في
باريس".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أن "فرنسا
تسعى للحفاظ على هيمنتها في لبنان، العائدة لعهد اتفاقيات سايكس بيكو والانتداب،
لكن سنوات هيمنتها الطويلة لم تنجح بإخراجه من دائرة الدولة الفاشلة، بل على
العكس، فقد رسّخت النظام القديم، سواء عبر قوة اليونيفيل التي تبرز فيها هيمنتها،
ورسّخ حزب الله، تحت رعايتها، وجوده بحرية في الجنوب، أو بالمشاركة في اتفاقيات وقف
إطلاق النار مع الاحتلال في كل جولة على الساحة الشمالية، أو التدخل المستمر في
الشؤون الداخلية اللبنانية، مع الحفاظ الصارم على مصالحها، وإن لم تتوافق دائما
معها".
وزعم أن "فرنسا
لا تنطلق من دوافع أخلاقية ومنهجية، بل من مصالح ضيقة، وهدفها واحد هو الحفاظ على
النظام القديم في الشرق الأوسط، حيث تتمتع بالنفوذ والقدرة على "إثارة"
ما يحدث لصالحها، لذلك، طالما بقيت فرنسا في الصورة، فإنها ستواصل وضع العراقيل
أمام نظام جديد في الشرق الأوسط، وستحاول الحفاظ على جزء على الأقل من النظام
القديم والفاسد الذي ميّز المنطقة لسنوات طويلة".
وطالب بأن "تعلن
دولة الاحتلال أن فرنسا لم تعد لاعبة فاعلة في الشرق الأوسط، ولها موطئ قدم في
النظام الإقليمي الجديد، وإبعادها عن لبنان، فقد انتهى انتدابها منذ عقود عديدة،
وعليها أن تنهي هيمنتها الفعلية في المنطقة من خلال تقويض وسائل تنفيذ سياساتها
الرئيسية، أولها إنهاء انتداب اليونيفيل في لبنان وهي عملية بدأت رسميا بقرار
مجلس الأمن الدولي، وثانيها طرد فرنسا، بمساعدة الولايات المتحدة، من اللجنة
المشرفة على وقف إطلاق النار مع لبنان، بزعم أنه لا يوجد سبب لاعتبارها طرفا
محايدا في لجنة إشرافية".
وأوضح أن "الخطوة
الثالثة تتمثل في منع وجود موطئ قدم وطني فرنسي في إعادة الإعمار المدني للمنطقة:
في لبنان وسوريا وغزة، ورابعها إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة، التي
تعمل في الواقع كسفارة لدى السلطة الفلسطينية، وكل هذه الخطوات ستؤثر بشكل كبير
على الاعتراف الذي تنظّمه فرنسا لدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، لأن نقطة ضعفها
تكمن بانخراطها في المنطقة كأداة للحفاظ على مكانتها واحترامها، وتعزيز مصالحها
الوطنية، ومن خلال هذه الوسائل ستدفع ثمنا باهظا لخطواتها العدائية ضد
الاحتلال".