كشف موقع "
ميدل إيست آي" أن شركة إماراتية مملوكة للدولة، تم اختيارها لإنشاء نظام جديد لمعلومات الركاب في المطارات البنغالية، أسندت جزءًا من المشروع إلى شركة مملوكة بشكل مشترك لسفير دولة الإمارات في البلاد.
وتساءل الموقع عن وجود تضارب محتمل في المصالح لدى سفير دولة الإمارات في
بنغلاديش، عبدالله علي الحمودي، الذي عمل على تعزيز العلاقات بين قطاعي الطيران في البلدين.
ودعا افتخار زمان، المدير التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية في بنغلاديش، إلى إجراء تحقيق في
الصفقة، التي قال إنها تبدو بمثابة "حالة واضحة من
تضارب المصالح وإساءة استخدام السلطة".
وقال زمان لموقع "ميدل إيست آي": "بصفته موظفًا حكوميًا، لا يجوز للسفير المشاركة في أي نشاط تجاري دون موافقة محددة من الحكومة.
وذكر الموقع أنه "لا يجوز لمسؤول حكومي في الخدمة أن يقيم علاقات تجارية مع الحكومة. ولا يقل أهمية عن ذلك الضرر المحتمل الذي قد يلحق بسمعته كسفير".
اظهار أخبار متعلقة
مذكرة تفاهم
اتصلت ميدل إيست آي بالحمودي، والسفارة الإماراتية في دكا، ووزارة الخارجية الإماراتية، والحكومة البنغلاديشية، والشركات والأفراد المذكورين في هذه القصة، لكن لم يستجب أحد حتى وقت كتابة هذا التقرير.
ويجري تنفيذ نظام معلومات الركاب الجديد بهدف مواكبة المطارات البنغلاديشية للمعايير الدولية التي تتطلب جمع معلومات الركاب المسبقة (API) وبيانات سجل اسم المسافر (PNR).
في كانون الأول/ ديسمبر 2022، وقعت حكومتا بنغلاديش والإمارات العربية المتحدة مذكرة تفاهم لاستكشاف إمكانية إنشاء أنظمة معلومات السائقين (API) وسجلات أسماء الركاب (PNR) في بنغلاديش بشكل مشترك.
وتم تعيين شركة الإمارات لحلول التكنولوجيا (إيتيك)، وهي شركة مملوكة للدولة في دولة الإمارات ومقرها الفجيرة، لقيادة المشروع.
وبدوره، أسند العمل إلى شركة مقرها دبي تدعى "إيدنتيما Identima" والتي تم تسجيلها في عام 2021 من قبل الحمودي.
وفي وقت تسجيل شركة "إيدنتيما"، كان الحمودي يشغل منصب القائم بالأعمال في سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في دكا، وهو ثاني أعلى منصب دبلوماسي في البلاد، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان يستغل منصبه بالفعل لتعزيز مصالحه التجارية.
قبل توليه منصبه في دكا، شغل الحمودي منصب نائب رئيس البعثة الإماراتية في ليبيا من عام 2013 إلى عام 2014.
الحمودي مُدرج في وثائق الشركة كشريك يملك حصة 34% ومديرًا لها. كما يُدرج مواطنان بنغلاديشيان، منتصر بيلا شهريار وساجد أحمد سامي، كشريكين، حيث يملك كل منهما حصة 33% في شركة "إيدنتيما".
ويبدو أن شهريار كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع حكومة رابطة عوامي السابقة بقيادة رئيسة الوزراء آنذاك الشيخة حسينة، والتي أطاحت بها الاحتجاجات الشعبية في أغسطس/آب الماضي.
ولم تكن لدى شركة "إيتيك" ولا شركة "إيدنتيما" أي خبرة سابقة واضحة في إنشاء أو تشغيل أنظمة معلومات المطارات.
اظهار أخبار متعلقة
البرمجيات السويسرية
ووافقت شركة "ايدنتيما" بعد ذلك على صفقة لبناء النظام باستخدام البرمجيات التي توفرها شركة سويسرية، وهي شركة "سيتا"، التي تعتبر واحدة من أبرز الشركات المتخصصة الرائدة في العالم في هذا المجال، والتي توفر أنظمة تكنولوجيا المعلومات لمطارات دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتذكر الوثائق أيضًا شركة ثانية، وهي شركة Entrust، والتي يبدو أنها عملت بالتنسيق مع شركة Identima.
وقال "ميدل إيست آي" إنه بموجب الاتفاق كان من المقرر في البداية أن تفرض على بنغلاديش رسوم تبلغ نحو 6.50 دولار لكل راكب، على الرغم من أن هذه الرسوم تم تخفيضها لاحقا إلى 4 دولارات.
لكن منظمة الطيران المدني الدولي توصي بفرض رسوم قدرها 3.50 دولار لكل راكب، في حين من المفهوم أن شركة "سيتا" تفرض رسوماً قدرها 1.50 دولار لكل راكب مقابل تقديم نفس الخدمات في الإمارات، وفقاً لمصادر مطلعة على هذه التفاصيل.
وسعى الحمودي إلى تعزيز مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع الطيران في بنغلاديش في إطار مهامه الرسمية.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، التقى مع مونجور كابير بهويان، رئيس هيئة الطيران المدني في بنغلاديش، لمناقشة توسيع التعاون في مجالات تشمل "خدمات المناولة الأرضية، وأنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار، وأنظمة معلومات الركاب"، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام البنغلاديشية.
وتشير مذكرة التفاهم الموقعة بين شركة إيتيك وشركة إيدنتيما في أكتوبر/تشرين الأول 2021، والتي وقعها من جانب شركة إيدنتيما شهريار والحمودي كشاهد، إلى أن كل شركة "تضمن عدم وجود تضارب في المصالح أو احتمال نشوئه".
وتنص الاتفاقية على أن كل شركة سوف تقوم بإخطار الأخرى في حالة نشوء أي نزاع، وأن كل منهما سوف يسعى إلى حله.
وسألت "ميدل إيست آي" الحمودي وشهريار والشركتين عما إذا كانوا قد اتخذوا أي خطوات لمعالجة تضارب المصالح الواضح لدى الحمودي.
وتحظر اتفاقية فيينا، وهي معاهدة الأمم المتحدة التي تنظم سلوك الدبلوماسية الدولية، بشكل صارم على الدبلوماسيين الاستفادة من الأنشطة المهنية أو التجارية في البلدان التي يقيمون فيها.
اظهار أخبار متعلقة
دعوة للتحقيق
تم تعيين الحمودي سفيراً في دكا في 21 أيلول/ سبتمبر 2022، أي قبل ثلاثة أشهر فقط من توقيع مذكرة التفاهم في 28 ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام.
وقال زمان، من منظمة الشفافية الدولية في بنغلاديش، لموقع "ميدل إيست آي": "يجب التحقيق في كل هذه الأمور بدقة من خلال الإجراءات القانونية الواجبة لضمان مساءلة السفير، وكذلك أولئك الذين شاركوا في الموافقة على هذا العقد".
وتأتي الكشف عن تورط الحمودي في الوقت الذي من المقرر أن تنتهي فيه مذكرة التفاهم الحالية بين بنغلاديش والإمارات العربية المتحدة في نهاية هذا الشهر.
تتمتع الإمارات العربية المتحدة وبنغلاديش بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية قوية، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة 2 مليار دولار.
وبالإضافة إلى كونها واحدة من أكبر خمسة مصادر للاستثمار الأجنبي في بنغلاديش، تستضيف الإمارات العربية المتحدة ما يقرب من 1.2 مليون عامل بنغلاديشي في مختلف القطاعات، مع تحويلات مالية من الإمارات العربية المتحدة تقدر بملايين الدولارات إلى الاقتصاد البنغلاديشي.