هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الحقيقة أنه من الصعب أن أستوعب في هذه الأسطر القليلة لمحات من سيرة هذا الرجل الفذة، ولا أخفي أن شخصيته آسرة لضميري ومشاعري، ولكني أظن أن الرجل كإنسان ومثقف ومناضل ، يستحق كل الاحترام، كما يستحق أن يكون نموذجا نعرف عليه الجيل المسلم الجديد، ليكون أقرب إلى الوسطية والتسامح وحب الحرية..
تحت قبة ندوة حاشدة نظمتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، انكشفت الحقيقة المريرة حول مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، التي لم تكن طوق نجاة للمدنيين، بل أداة تسريع للإبادة الجماعية في غزة، حيث كشفت شهادات ووثائق دامغة تورطها في تدمير حياة الملايين عبر توزيع مساعدات منقوصة تُستخدم كسلاح حرب، وسط صمت دولي مخزٍ يدعم استمرار المجاعة والتطهير العرقي، مما يضع المنظمة وقياداتها في مواجهة القضاء الدولي ويطالب بالمساءلة العاجلة لإنقاذ ما تبقى من إنسانية في غزة.
ثمة سؤال مهم انشغل به المثقفون كثيرا لحظة التأصيل للنهضة، لكنهم اليوم أضحوا غير قادرين على طرحه، بسبب ما يترتب عن الجواب عنه من مشكلات تمس أطاريحهم النهضوية، بل وحتى مسلماتهم الفكرية. لماذا فشل التحديث الثقافي في الوطن العربي؟
يصادر كل من رائد محمد نجم وهاني رمضان طالب وأماني سامي الفليت على أنّ إسهام قطاع غزة في الحركة الوطنية الفلسطينية كان نوعيا. فبواكير مواجهة الكيان الصهيوني انطلقت منه بعد أشهر قليلة من النكبة ثم تحولت إلى عمليات مقاومة منظمة في الخمسينيات بعض ظهور كيانات سياسية أخذت على عاتقها تحقيق التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني للحرية ولبناء دولته المستقلة. وكان لتغير تركيبته الديمغرافية دور في ذلك. فقد لجأ إليه نحو 200 ألف فلسطيني، وبنيت فيه ثمانية مخيمات.
كان الهدف من المطالبة بارسال الأطفال إلى فرنسا هو الإمعان في تكوين نخبة من الجزائريين الذين يتعلمون باللغة الفرنسية حسب خطط مرسومة، بعيدين عن بيئتهم اللغوية والثقافية وأعين ذويهم.. فيعودون الى أهلهم مفرنسين فرنسة كاملة فيعملون على نشر اللغة الفرنسية وترسيخ أقدام الاستعمار في البلاد ووضع النواة الأولى لأجيال "الاستحلال" الفرنسي اللاحق بعد ذلك في الجزائر.
سوريا ما بعد البعث ليست فقط ساحة لصراع جيوسياسي، بل معملٌ لصياغة وعي جديد، وميدان لبعث مشروع فكري ظلّ مؤجلاً. هناك، في عمق الجراح، تتشكل بذور فكرٍ لا يهرب من التراث ولا ينغلق فيه، بل يحاوره بجرأة، ويستنهض منه إمكانيات التنوير، كما فعل الطيب تيزيني، وكما واصل، بطريقته، الدكتور برهان غليون.
أصدر مركز الزيتونة للدراسات ورقة علمية جديدة تستشرف مستقبل المكانة الإقليمية لإيران في أعقاب الهجوم الأمريكي الإسرائيلي المشترك على منشآتها النووية، مشيرًا إلى أن الضربات، رغم شدّتها، لم تحقق هدف شلّ البرنامج النووي الإيراني أو تغيير موازين القوة الإقليمية، بل كشفت عن تعقيدات المشهد الجيوسياسي، وتباين مواقف الحلفاء والخصوم، في وقت لا تزال فيه طهران متمسكة بنفوذها وماضية في تعزيز موقعها الاستراتيجي وسط تحديات داخلية وضغوط خارجية متزايدة.
في خضم التحوّلات السياسية والاجتماعية التي عرفتها تونس منذ الثورة، تبرز التكنوميديا بوصفها قوة رمزية جديدة تعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والإعلام والسياسة، لا من موقع الدعم، بل من موقع إعادة التكوين. كتاب الدكتور الصادق الحمامي "التكنوميديا والرأي العام والسياسة في تونس" الصادر سنة 2025 عن دار نيرفانا، يقدّم قراءة معمّقة لهذه التحوّلات، من خلال أطروحة جريئة تفترض أن الفضاء العمومي التونسي لم يعد محكوماً بمنطق الانتقال الديمقراطي، بل دخل مرحلة من "الاضطراب الاتصالي" يُهيمِن فيها الانفعال، وتنهار فيها وسائط الوساطة التقليدية، وتتسارع خلالها ديناميكيات التفكك الرمزي. هذا النصّ يحاول مساءلة هذا العمل الأكاديمي الرصين، والوقوف عند مكامن قوّته ومواطن قصوره، في محاولة لفهم كيف تحوّلت التكنوميديا من أداة للتحرّر إلى بنية تُعيد إنتاج الهشاشة والانقسام في المشهد التونسي.
حديث البنا عن "ظهور الزعامة الشعبية، ومن ورائها الأمة" يجب أن يحيي في أذهاننا أن تلك هي مهمة الأمة ابتداءً، وأن هناك في ميراثنا الإسلامي معنى مستقر بشأن أهل الحل والعقد الذين يعبرون عن رأي الأمة، والذين يحددهم البنا في ( أهل الفقه والاجتهاد، وأهل الخبرة في الشئون العامة، ومن لهم نوع قيادة ورئاسةٍ في الناس كزعماء البيوت والأسر، وشيوخ القبائل، ورؤساء الجماعات). رسالة مشكلاتنا في ضوء النظام الاسلامي - مجموعة رسائل الإمام البنا.
في تحوّلٍ لافت، يصدر تقرير حقوقي من داخل إسرائيل نفسها يتهم الكيان الصهيوني بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، مسلطًا الضوء على ممارسات بلغت من الوحشية حدًّا جعل حتى "بتسيلم" ـ وهي منظمة حقوقية إسرائيلية ـتستخدم عبارة "إبادتنا الجماعية" كعنوان لتقريرها الممتد على 88 صفحة. التقرير ليس مجرد توثيق قانوني لما حدث منذ السابع من أكتوبر 2023، بل هو شهادة داخلية دامغة تُفكّك الرواية الإسرائيلية، وتقدّم لائحة اتهام أخلاقية وقانونية تُدين سياسات ممنهجة استهدفت نزع إنسانية الفلسطينيين وتدمير مجتمعهم، بغطاء من الإفلات من العقاب ودعم دولي لا يقلّ تورطًا. إنه اعتراف من داخل البيت الصهيوني بأن ما يُرتكب في غزة يتجاوز الحرب إلى مشروع إبادة ممنهج، يذكّرنا بأن من صنع أسطورة الضحية في الأربعينيات، بات اليوم الجلاد بلا قناع.