صحافة دولية

الحكومة السورية تكثف مكافحة تجارة "الكبتاغون".. "أعقد المعارك"

فايننشال تايمز: سوريا الجديدة تواجه تحدي تفكيك إمبراطورية مخدرات الأسد- إكس
فايننشال تايمز: سوريا الجديدة تواجه تحدي تفكيك إمبراطورية مخدرات الأسد- إكس
تشهد سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي تحولًا في مكافحة تجارة الكبتاغون العابرة للقارات، حيثُ بدأت السلطات الجديدة في دمشق بشن حرب واسعة على هذه التجارة، وسط مقاومة شديدة من شبكات التجارة المتجذّرة في البلاد منذ سنوات، بحسب تقرير موسّع من أعدته صحيفة " فايننشال تايمز ".

وذكرت الصحيفة البريطانية أن سوريا تشهد واحدة من أعقد المعارك في تاريخها الحديث، تتمثل في محاولة النظام الجديد، بقيادة أحمد الشرع، تفكيك إمبراطورية المخدرات التي ازدهرت خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، والتي كانت تدر عليه بحسب تقارير استقصائية أكثر من 5 مليارات دولار سنويا، ما ساعده في الاستمرار رغم العقوبات الأميركية والغربية التي فرضت عليه خلال سنوات الحرب الـ14، ما جعل سوريا واحدة من أبرز الدول المنتجة لهذا النوع من المخدّر المنشّط والمحظور.



تراجع إنتاج وتجارة المخدرات بنسبة 80 في المائة
بعد الإطاحة بالنظام السابق، أعلن الرئيس أحمد الشرع من الجامع الأموي بدمشق عن بدء حملة تطهير شاملة لما وصفه بالإرث السام لتجارة المخدرات، قائلاً:" إن سوريا ستُطهَّر من الكبتاغون"، وأشارت الـ"فايننشال تايمز" إلى أن هذه الحملة أسفرت عن تراجع حاد في إنتاج وتجارة المخدرات بنسبة تصل إلى 80 في المائة، حسبما أفاد تجّار ومسؤولون أمنيون وباحثون إقليميون.


وحسب التقرير، فإن وحدات مكافحة المخدرات التي تشكّلت حديثًا نفذت مداهمات واسعة طالت مختبرات تصنيع مرتبطة بشخصيات من العائلة الحاكمة السابقة، بينها منشآت قرب مطار المزة العسكري وقصور يملكها ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع، قائد الفرقة الرابعة، المشهورة بوحشيتها، المسؤول الرئيسي عن تدفقات الإيرادات غير المشروعة لتمويل جهود الحرب.

اظهار أخبار متعلقة



تفكيك شبكات تجارة المخدرات لن يكون سهلًا
ووفقًا لمشروع الكبتاغون في معهد "نيو لاينز"، فقد صادرت السلطات الجديدة أكثر من 200 مليون حبة بين كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2025، أي ما يعادل 20 ضعف الكمية التي كان جيش الأسد يدعي مصادرتها طوال عام 2024.


وقد أثار تدفق المخدرات المستمر من سوريا في عهد الأسد غضب الدول المجاورة، خاصةً دول الخليج العربي، التي اشتكت من الأثر المدمّر للكبتاغون على مجتمعاتها، فقد عُثر على الكبتاغون السوري الصنع في كل مكان، من الرياض إلى موانئ أوروبا، وتم ضبط شحنات في أماكن بعيدة مثل هونغ كونغ وفنزويلا.

ورغم هذا التقدم حذّرت الصحيفة من أن تفكيك هذه الشبكة لن يكون سهلًا، فالطلب الإقليمي لا يزال مرتفعًا، وأسعار الحبوب ارتفعت في السوق السوداء، بينما تسعى شبكات التهريب إلى التكيّف مع الظروف الجديدة لمواصلة عمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية، خصوصًا باتجاه الأردن، مستخدمة وسائل متطورة مثل الطائرات المسيّرة والبالونات عن بعد، مما يشير إلى احتراف تنظيمي متصاعد.


الفساد والتواطؤ يعرقلان مكافحة المخدرات
كما أن تحديات الحملة لا تقتصر على الخارجين عن القانون، بل تمتد إلى داخل الأجهزة الأمنية نفسها، حيث أشارت الصحيفة إلى وجود مؤشرات على تسريبات داخلية وتحذيرات مسبقة تلقّاها تجّار للمخدرات، ما يدل على اختراق بعض وحدات المكافحة من قبل عناصر متواطئة.

وحسب التحقيق، فإن شبكات التهريب ما زالت تنشط في مناطق لا تخضع بالكامل لسيطرة الحكومة الجديدة، منها المناطق الواقعة تحت نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران أو الفصائل الكردية، وتحديدًا في السويداء، حيث تُظهر المعطيات الميدانية استمرار تهريب الكبتاغون من خلال شبكات قبلية ومحلية، مدفوعة بظروف اقتصادية صعبة، كما أن ضعف الموارد والكوادر يعرقل جهود فرض السيطرة على كامل الجغرافيا السورية.

اظهار أخبار متعلقة


أما على المستوى الصحي، فإن البلاد تعاني من نقص شديد في مراكز علاج الإدمان (لا يتجاوز عددها أربع منشآت) تقدم رعاية أولية محدودة لا تشمل برامج تأهيل متكاملة، وصرّح مدير مستشفى ابن رشد بدمشق أن قدرة النظام الصحي على الاستجابة للأزمة محدودة جدًا، في الوقت الذي بدأ بعض المدمنين اللجوء إلى مواد بديلة أكثر خطورة مثل "الكريستال ميث".


واختتمت الـ"فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الحملة الحالية، رغم زخْمها وتقدّمها، لا تزال في بدايتها، فبين فراغات السلطة، وتواطؤ بعض العناصر الأمنية، وتبدّل أساليب التهريب، يواجه النظام الجديد معركة طويلة الأمد، تتطلب أكثر من الإجراءات الأمنية، وتشمل بناء مؤسسات عدالة، وإصلاحات اقتصادية، وتعاونًا إقليميًا فعّالًا لتفكيك البنية العميقة لدولة المخدرات التي ترسخت في عهد الأسد.
التعليقات (0)

خبر عاجل