انتشرت خلال أيام
امتحانات
الثانوية العامة في
مصر ظاهرة استخدام سماعات صغيرة دقيقة تدخل في الأذن
بهدف الغش الإلكتروني، ما أثار قلقًا واسعًا لما تحمله من مخاطر صحية وتقنية
خطيرة.
وتعمل السماعات
التي تعد من أحدث وسائل الغش التكنولوجي، عن طريق استقبال إشارات لاسلكية "بلوتوث
أو شريحةSIM "
تمكن الطالب من تلقي الإجابات من خارج اللجنة، مما يصعب اكتشافها على المراقبين
داخل لجان الامتحانات.
ومؤخرا تسبب تلك
السماعات في حدوث وقائع مؤسفة ومخاطر صحية آخرها في محافظة سوهاج، حيث أصيب طالب
بالصف الثالث الثانوي أثناء محاولته استخدام
سماعة الغش، عندما انزلقت السماعة
داخل أذنه، مما استدعى نقله إلى مستشفى طهطا العام لاستخراجها وتلقي الرعاية
الطبية اللازمة.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد الأطباء
أن إزالة هذه السماعات الدقيقة من داخل قناة الأذن تتطلب تدخلًا طبيا دقيقا، لأن
التحرك أو الانزلاق بزاوية خاطئة قد يؤدي إلى تعقيدات صحية قد تصل إلى فقدان السمع
أو التهابات خطيرة، كما أعلن عدد من الأطباء في محافظات مختلفة وصول عدد من
الحالات التي تسوجب تدخل طبي وجراحي لاستخراج السماعة.
اظهار أخبار متعلقة
تقنية خطيرة وأسعار
مبالغ فيها
من الناحية
التقنية، تتميز سماعات الغش بدقة عالية جداً وصغر الحجم، وهي مزودة ببطارية صغيرة
تمكنها من العمل لفترات محدودة، لكن مع خطورة كبيرة؛ إذ قد تتسرب المواد
الكيميائية من البطارية داخل الأذن مسببة تآكل الأنسجة والتهابات قد تمتد إلى
الأذن الوسطى، بل وقد تصل إلى المخ في حالات العدوى الشديدة، وفي بعض الأحيان،
يمكن أن تنفجر البطارية داخل الأذن إذا كانت السماعة ذات جودة رديئة، مما يهدد صحة
الطالب بشكل مباشر.
أما طرق
الحصول على هذه السماعات فتتنوع، فهناك من يقوم ببيعها عبر الإنترنت ومن خلال
"دليفري" يصل إلى المنزل، بأسعار تراوح بين 3 آلاف إلى 20 ألف جنيه حسب
نوع السماعة ودقتها، كما يستخدم بعض الطلاب تقنيات متطورة، مثل شريحة SIM داخل السماعة تمكنهم من تلقي الإشارات
بشكل مباشر على الهاتف المحمول بعيدًا عن المراقبة.
ومن جانبها
أكدت إدارة التربية والتعليم في سوهاج أن حادثة إصابة الطالب تعتبر حالة فردية،
وأن هناك إجراءات صارمة يتم اتباعها لمكافحة الغش، من بينها تفتيش الطلاب قبل دخول
اللجان، وتدوير رؤساء اللجان، وزيادة مراقبة اللجان بكاميرات متطورة. رغم ذلك، لا
تزال السماعات الدقيقة تشكل تحديًا كبيرًا بسبب صغر حجمها وصعوبة كشفها.
في الوقت
نفسه، تنذر هذه الظاهرة بخطورة أكبر من مجرد الغش، حيث أكد الأطباء أن السماعة قد
تعرض صحة الطلاب لخطر فقدان السمع الدائم والتهابات قد تتطلب عمليات جراحية معقدة.
وقد دعت الجهات الصحية والتربوية إلى التشديد على ضرورة توعية الطلاب والأهل
بخطورة استخدام هذه الأجهزة التي قد تدمر مستقبل الطالب الدراسي والصحي على حد
سواء.
ومن جانبه حذر
وكيل وزارة الصحة المصرية الأسبق، الدكتور مصطفى جاويش، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"
من المخاطر الصحية الجسيمة التي قد يتعرض لها الطلاب جراء استخدام سماعات صغيرة
يتم وضعها داخل الأذن، بهدف الغش أثناء الامتحانات، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة
التي انتشرت مؤخرًا لا تمثل فقط انتهاكًا أخلاقيًا وتعليميًا كون أن الغش حرام
شرعا، بل تهديدا مباشرا للصحة العامة قد يترك آثارا دائمة على السمع والدماغ، بل
وربما يمتد التأثير ليشمل وظائف حيوية أخرى في الجسم.
وقال جاويش: "بداية، لا بد من التأكيد أن الغش في
حد ذاته سلوك محرم ومرفوض تربويا ودينيا، وينبغي أن نوجه النصح أولا لأبنائنا
الطلبة والطالبات بعدم اللجوء إليه، حفاظا على مستقبلهم العلمي، وأيضا على سلامتهم
الصحية، التي باتت مهددة بفعل وسائل الغش التكنولوجية الحديثة مثل السماعات
اللاسلكية الدقيقة."
وأوضح وكيل وزارة
الصحة الأسبق أن هذه السماعات، والتي باتت تعرف باسم "سماعات الغش"،
توضع داخل القناة السمعية الخارجية، وتلتصق بطبلة الأذن، وتعمل بتقنية البلوتوث
عبر إشعاعات كهرومغناطيسية.
وأضاف: "رغم صغر حجمها، إلا أن هذه السماعات
تسبب أضرارًا بالغة على عدة مستويات، خاصة وأن تركيبها داخل الأذن يعوق عملية
التنظيف الذاتي الطبيعية التي تقوم بها الأذن من خلال إفراز مادة الشمع (الصملاخ)
المسؤولة عن ترطيب الجلد الداخلي وحماية الأذن من التلوث والحشرات."
اظهار أخبار متعلقة
وأكد جاويش
أن تعطيل هذه الوظيفة الطبيعية يؤدي إلى تراكم الشمع داخل الأذن، وهو ما يسبب
بدوره انسدادًا في القناة السمعية، وضعفًا في السمع، والتهابات متكررة، ناهيك عن
أن وجود جسم غريب في هذه المنطقة الحساسة قد يؤدي إلى حدوث جروح في الجلد الداخلي،
قد تتطور إلى خراج يصعب معه استخراج السماعة دون تدخل جراحي.
كما أشار إلى
أن الموجات الكهرومغناطيسية التي تصدرها هذه السماعات، رغم أنها منخفضة نسبيًا،
إلا أنها توجه في الغالب نحو الوجه والمخ، مما يتسبب في شعور بالصداع، والانزعاج،
والإجهاد العقلي، خاصة عند الاستخدام لفترات طويلة.
واستعرض
الدكتور جاويش أبرز الأضرار التي تصيب الأذن والدماغ نتيجة هذه السماعات، قائلًا:
أولًا:
الأضرار الموضعية داخل الأذن:
- تراكم الشمع
وصعوبة التخلص منه.
- التهابات
متكررة ناتجة عن توقف التنظيف الذاتي للأذن.
- زيادة
احتمالات العدوى البكتيرية والفطرية.
- تلوث ناتج عن
سوء نظافة السماعة.
- احتمال فقدان
السمع نتيجة الضغط الصوتي الشديد.
- جروح في
القناة السمعية قد تتطور إلى خراجات خطيرة.
ثانيًا:
الأضرار على السمع والجهاز العصبي:
فقدان السمع:
نتيجة التعرض المستمر لصوت مرتفع داخل مساحة ضيقة، ما قد يؤدي إلى تلف في الخلايا
السمعية.
طنين الأذن:
والذي يحدث بسبب تضرر الخلايا الشعرية داخل قوقعة الأذن، مما يسبب سماع أصوات غير
موجودة في الواقع.
احتداد
السمع: حيث يصاب الشخص بحساسية مفرطة للأصوات، وهي حالة تصيب نحو نصف من يعانون من
طنين الأذن.
الدوخة
والصداع: نتيجة الضغط الناتج عن استخدام السماعات داخل القناة السمعية.
ثالثًا:
الأضرار العامة على الجسم والمخ:
قال الدكتور
جاويش إن هناك تحذيرًا عالميًا صدر في وقت سابق من 250 عالِمًا وجهوه إلى منظمة
الصحة العالمية، بشأن المخاطر الصحية التي تسببها الحقول الكهرومغناطيسية غير
المؤينة – وهي نفس التقنية التي تعمل بها السماعات اللاسلكية – حيث رُصدت احتمالات
خطيرة للإصابة بأمراض مثل:
- السرطان.
-الإجهاد
الخلوي.
-الضرر
الوراثي.
-التأثيرات
السلبية على الجهاز التناسلي.
-اضطرابات في
التعلم والانتباه.
-خلل في
الجهاز العصبي.
-تغيرات في
المزاج والشعور العام لدى الإنسان.
واختتم
الدكتور مصطفى جاويش تصريحه بالتشديد على ضرورة رفع الوعي لدى الطلاب وأولياء
الأمور والمؤسسات التعليمية بهذه المخاطر، مؤكدًا أن "ما قد يبدو وسيلة سهلة
للغش قد يتحول إلى مأساة صحية دائمة".