هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استيقظ العالم يوم 1 نوفمبر 2025 على خطابٍ صاعقٍ اخترق ذاكرة التاريخ، تهديدٍ فجٍّ يبعث من تحت رماد القرون المظلمة سردياتِ الحروب الصليبية بثوبٍ نووي ـ اقتصادي جديد. خطابٌ نزع آخر الأقنعة عن العقل الإمبراطوري الغربي، فكشف جوهره القديم في أبهى صوره: غزوٌ يُقدَّس باسم الإيمان، ويُبرَّر بذريعة "حماية الحضارة". كانت تلك لحظةً انكسرت فيها هيبة القانون الدولي، وتدحرجت مواثيق الأمم إلى مزابل السياسة، وغدا منطق القوة هو المشرّع الوحيد لمصير الشعوب، بينما صمتت المؤسسات التي وُلدت لتمنع تكرار هذا الجنون.
إن الفرز الذي كان قائمًا بين الأفراد على أساس الوطنية الذي كان سائدًا أيام الاحتلال يجب أن يظل هو نفسه وأكثر منه في الاستقلال ضد الاستحلال (وليس العكس كما يبدو لنا من واقع بعض التقلبات في الأمزجة والأحوال!؟!)
تنبع أهمية هذا القرار، الصادر يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، من كونه يكرس لأول مرة الشرعية الدولية الكاملة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بوصفه الخيار الواقعي والدائم الوحيد لحل النزاع، واضعا بذلك أسس فلسفة الحل السياسي الممكن في ضوء مقاربة توازن بين مبدأ تقرير المصير ومبدأ الحفاظ على وحدة الدولة. وبذلك، يطوي القرار نهائيا صفحة خيار الاستفتاء الذي كان يهدد بتكريس الانفصال.
إنّ نسبة هذه الحقوق إلى الإنسان تقتضي أن تكون حقوقا للإنسان بمقتضى إنسانيته، وبقطع النظر عن العوارض التي تعرض لها من عرق ولون وجنس ودين وغير ذلك من العوارض، ولكنّ محكّ الواقع كشف عن زيف هذا الادّعاء،
"رضوان السيد"، مفكر وباحث لبناني كبير، وهو واحد من أهم الباحثين والمفكرين العرب في العقود الثلاثة الأخيرة، لغزارة انتاجه من كتب أو مقالات أو مشاركات في فعاليات ثقافية وفكرية، كما أنه أحد نجوم أي مؤتمر عربي أو إسلامي يعقد في أي عاصمة عربية، من المحيط إلى الخليج، فهو "أستاذ" في الخبرات المتعلقة بالعلاقات العامة، وهو داهية في قراءة عقول النخب السياسية الحاكمة في كل بلد، ويعطي كل شخص على قدر "نيته" !!.
مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، كانت الطائفة المارونية في موقع مفصلي داخل النظام السياسي اللبناني، كونها ممثَّلة برئاسة الجمهورية وتشكل إحدى دعائم الكيان اللبناني منذ تأسيسه. وبدأت الحرب في ظل تصاعد نفوذ الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان عقب طرد منظمة التحرير من الأردن عام 1970 (أحداث أيلول الأسود) وازدياد توتر الطوائف المسيحية، خصوصاً الموارنة، الذين رأوا في هذا التوسع تهديدًا لكيان لبنان وهويته.
لا أعرف ثورة في تاريخ البشرية قامت على أساس رؤية واضحة خالدة منسجمة مع طبيعة شعبها كالثورة التحريرية النوفمبرية. لقد حرص مفجرو الثورة الجزائريةالمباركة أن يكونوا واضحين في مقاصدهم الثورية، عبر بيان علني خطوه بالتوافق بينهم هو “بيان أول نوفمبر” بالمداد ابتداء، قبل أن يُرسم في أعماق المجتمع بعد ذلك بالدماء إلى الأبد.
في العام 1919، ترأس البطريرك الياس الحويك وفدًا مارونياً إلى مؤتمر السلام في فرساي بفرنسا، بهدف الضغط على الحلفاء للاعتراف بلبنان كوطن مستقل تحت حماية فرنسية. فطالب بإنشاء "لبنان الكبير" وقدّم وثائق تاريخية وأدلّة اقتصادية وجغرافية لإثبات أن جبل لبنان (الذي كان له حكم ذاتي في عهد العثمانيين) لا يمكن أن يستمر قائمًا ككيان صغير معزول، بل يجب أن يُوسّع بضم المناطق المجاورة ذات العلاقات الاقتصادية والطبيعية معه. وشدد البطريرك الماروني على أن الدولة الجديدة ستكون متعددة الطوائف، وليست دولة مسيحية صرفًا.
الحقيقة أن كتب الريسوني الأولى حول المقاصد كانت أقرب ما تكون لبناء النظرية أو اكتشافها، وبيان جدوها وأبعادها، ومحاولة استقراء عناصرها ومكوناتها عند الإمام الشاطبي، لتأتي الأدبيات اللاحقة، وتركز على الفكر المقاصدي وقواعده وأساسياته، إذ كان القصد عل ما يبدو لفت الاهتمام بهذا النوع من التفكير المنهجي، ومحاولة إحداث خلخلة لدى العقل المسلم، تروم توجيهه إل حلق حالة مقاصدية عامة، لا تقتصر علت فكر النخبة، وإنما تتحول إلى ثقافة عامة، يتعاطاها حتى من هم دون النخبة.
امتاز الدكتور طه حسين ، رحمه الله، بذكاء اجتماعي وسياسي عجيب، كان يحسب جيدا موازين القوى والتأثير في الحياة الثقافية أو السياسية، ثم يختار خطوته الجديدة بناء على ذلك الحساب الدقيق، والغريب أنه نجح في كل تلك الحسابات، وحقق قفزات كبيرة وسريعة في مسيرته العلمية والاجتماعية ثم السياسية، في جميع الحقب السياسية والاجتماعية التي مر بها، منذ الحقبة الخديوية، إلى فترة الملك فؤاد، ثم الملك فاروق، ثم عبد الناصر، ثم السادات.