اتهم
عمدة لندن صادق خان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لعب الدور الأبرز في تشجيع اليمين المتطرف حول العالم، واعتبر أن استخدامه الجيش في المدن الأميركية واستهدافه الأقليات يعكس سلوكًا "مستمدًا من دليل الطغاة".
جاء ذلك، بالتزامن مع وصول ترامب مساء الثلاثاء إلى لندن في زيارة استثنائية تسلط الضوء على قوة العلاقة التاريخية بين البلدين، لكنها في الوقت نفسه أثار موجة واسعة من الانتقادات السياسية والشعبية.
اظهار أخبار متعلقة
عمدة لندن صادق خان، قال في مقال نشرته صحيفة "
الغارديان" إن على سكان لندن أن يظهروا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنهم ضد سياسة الخوف، وذلك بعد مظاهرة اليمين المتطرف بالعاصمة البريطانية، نهاية الأسبوع، وقال خان إن شيئا ما تغير في بلدنا نهاية الأسبوع الماضي.
وأضاف، أنه كما هو الحال في مدن أخرى في المملكة المتحدة، شهدت لندن احتجاجات نظمها اليمين المتطرف من قبل، لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا. ملأ أكثر من 100,000 شخصا العاصمة. سار عشرات الآلاف منهم بسلام. لكن بعضهم هاجم بعنف ضباط الشرطة المكلفين بحماية سكان لندن. وحاول إيلون ماسك حشد المتظاهرين ضد ديمقراطيتنا، قائلا لهم: "قاوموا وإلا ستموتون".
وقال خان إن المشاهد التي رأيناها لم تأت من العدم. و "لفترة طويلة جدا، رفض سياسيونا وخبراؤنا إدانة موجة الكراهية المتصاعدة في هذا البلد، واختاروا بدلا من ذلك الانغماس في سياسات غير مباشرة وخطابات خطيرة".
وتابع، "الآن، يتسرب هذا الشكل السام من السياسة إلى شوارعنا. وقد أعرب العديد من سكان لندن من الأقليات عن خوفهم، ويشعر ملايين آخرون في العاصمة وفي جميع أنحاء البلاد بالرعب وبالنسبة لقادتنا، لم يعد الصمت كافيا فلقد حان الوقت للوقوف والقول: هذه ليست طبيعتنا. يتعين علينا أن نتحد لمواجهة الشعبويين الرجعيين والقوميين الذين يستغلون المخاوف الاقتصادية وتفتيت الحياة الحديثة وانعدام الثقة المتزايد في المؤسسات السياسية والإعلامية، وهو ما شهدناه في بلدان مختلفة في أوروبا، وبالطبع في الولايات المتحدة".
وأضاف خان إن ترامب وحاشيته ربما كانوا أكثر من ساهم في إشعال نار الانقسام حول العالم. فعندما زار المملكة المتحدة في أول زيارة رسمية له، سلط خان الضوء على كيفية استخدام الرئيس عمدا كراهية الأجانب والعنصرية و"الاختلاف" كتكتيك انتخابي، حيث فرض حظر سفر على عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، وأشاد بالقوميين البيض في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا.
وأدف العمدة البريطاني، أنه "بعد ست سنوات، لا تبدو التكتيكات التي نراها من البيت الأبيض اليوم مختلفة، إلقاء اللوم على الأقليات وترحيل المواطنين الأمريكيين بشكل غير قانوني ونشر الجيش في شوارع مدن متنوعة وهذه الإجراءات لا تتعارض مع القيم الغربية فحسب، بل هي مستمدة مباشرة من كتاب قواعد اللعبة لدى المستبدين، و"أتفهم موقف حكومة المملكة المتحدة من كونها براغماتية على الساحة الدولية ورغبتها في الحفاظ على علاقة جيدة مع زعيم أقوى دولة في العالم".
وفي مواجهة روسيا الانتقامية، يبدو أمن أوروبا أقل استقرارا الآن من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية. كما أن خطر فرض رسوم جمركية أمريكية أعلى لا يزال قائما ولكن من المهم أيضا، كما يقول هو ، ضمان أن تشمل علاقتنا الخاصة الانفتاح والصدق مع بعضنا البعض، في بعض الأحيان، يعني هذا أن نكون صديقا ناقدا ونقول الحقيقة للسلطة - وأن نكون واضحين في رفضنا لسياسات الخوف والانقسام بحسب المقال.
وأشار خان إلى أن من الضروري، أن "نوضح للرئيس ترامب لماذا يجب عليه دعم أوكرانيا، وليس بوتين. وأن ندافع عن أخذ حالة الطوارئ المناخية على محمل الجد. حثّ الرئيس على وقف حروب الرسوم الجمركية التي تمزق التجارة العالمية، والضغط عليه لبذل المزيد من الجهود لإنهاء الهجوم الإسرائيلي المروع على غزة، فهو وحده من يملك القدرة على وضع حد لانتهاكات إسرائيل الصارخة والمتكررة للقانون الدولي".
وقال خان إن على البريطانيين مطالبة الرئيس ترامب وأنصاره "التوقف عن التهكم على عاصمتنا العظيمة وتشويه سمعتها، فلندن قصة نجاح عالمية، مهما حاول التظاهر بعكس ذلك. إنها مدينة منفتحة وحيوية وأكثر أمانا من جميع الولايات الأمريكية من حيث معدلات جرائم القتل. ولعل هذا هو سبب ارتفاع أعداد الأمريكيين الذين يتخذون من لندن موطنا لهم."
وأضاف خان: "كثيرا ما يتحدث الرئيس وأنصاره عن أهمية حرية التعبير، ويرسمون صورة لبريطانيا كمجتمع بائس حيث يعني القمع تهديد حقوقنا. لا شيء أبعد عن الحقيقة من هذا. هذا الأسبوع، أنا متأكد من أن العديد من سكان لندن سيرفعون أصواتهم ليقولوا للرئيس ترامب وأتباعه إنه لا يمكن تقسيمنا بسبب أولئك الذين يسعون إلى زرع الخوف، إننا مصممون على أن تبقى مدينتنا قوية كحصن ضد الكراهية، وتتألق كمنارة أمل، إننا نرى القوة في تنوعنا، لا الضعف. وإننا نرفع مبادئنا التقدمية عاليًا بفخر، بدلًا من إخفائها في خجل".
اظهار أخبار متعلقة
وختم خان مقالته: "منذ آخر زيارة رسمية للرئيس قبل ست سنوات، أصبح أسلوبنا في الحديث عن السياسة أكثر قتامة وإثارة للانقسام وخطورة. لكن روح لندن وروحها لا تزالان شاملتين ومتفائلتين كعادتهما، لأن مدينتنا الحديثة متعددة الثقافات لن تزول. سيجد من يسعون إلى تفريقنا مدينةً عازمة على الدفاع عن قيمها الليبرالية والديمقراطية بشراسة أكبر من أي وقت مضى".